[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِمِائَة]

506 -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِمِائَةٍ

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الْمُحَرَّمِ، سَارَ مَوْدُودٌ، صَاحِبُ الْمَوْصِلِ، إِلَى الرُّهَا، فَنَزَلَ عَلَيْهَا، وَرَعَى عَسْكَرُهُ زُرُوعَهَا، وَرَحَلَ عَنْهَا إِلَى سَرُوجَ، وَفَعَلَ بِهَا كَذَلِكَ وَأَهْمَلَ الْفِرِنْجَ، وَلَمْ يَحْتَرِزْ مِنْهُمْ، فَلَمْ يَشْعُرْ إِلَّا وَجُوسْلِينُ، صَاحِبُ تَلِّ بَاشِرَ، قَدْ كَبَسَهُمْ، وَكَانَتْ دَوَابُّ الْعَسْكَرِ مُنْتَشِرَةً فِي الْمَرْعَى، فَأَخَذَ الْفِرِنْجُ كَثِيرًا مِنْهَا، وَقَتَلُوا كَثِيرًا مِنَ الْعَسْكَرِ، فَلَمَّا تَأَهَّبَ الْمُسْلِمُونَ لِلِقَائِهِ، عَادَ عَنْهُمْ إِلَى سَرُوجَ.

وَفِيهَا رَحَلَ السُّلْطَانُ مُحَمَّدٌ مِنْ بَغْدَاذَ، وَكَانَ مُقَامُهُ هَذِهِ الْمَرَّةِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى أَصْبَهَانَ قَبَضَ عَلَى زَيْنِ الْمُلْكِ أَبِي سَعْدٍ الْقُمِّيِّ، وَسَلَّمَهُ إِلَى الْأَمِيرِ كَامْيَارَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الرَّيِّ أَرْكَبَهُ كَامْيَارُ عَلَى دَابَّةٍ بِمَرْكِبٍ ذَهَبٍ، وَأَظْهَرَ أَنَّ السُّلْطَانَ خَلَعَ عَلَيْهِ عَلَى مَالٍ قَرَّرَهُ عَلَيْهِ، فَحَصَّلَ بِذَلِكَ مَالًا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْقُمِّيِّ، ثُمَّ صَلَبَهُ، وَكَانَ سَبَبُ قَبْضِهِ أَنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ الطَّعْنَ عَلَى الْخَلِيفَةِ وَالسُّلْطَانِ.

وَفِيهَا كَانَ بِبَغْدَاذَ رَجُلٌ مَغْرِبِيٌّ يَعْمَلُ الْكِيمْيَاءَ، بِزَعْمِهِ، اسْمُهُ أَبُو عَلِيٍّ، فَحُمِلَ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ، وَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ.

وَفِيهَا وَرَدَ إِلَى بَغْدَاذَ يُوسُفُ بْنُ أَيُّوبَ الْهَمَذَانِيُّ، الْوَاعِظُ، وَكَانَ مِنَ الزُّهَّادِ الْعَابِدِينَ، فَوَعَظَ النَّاسَ بِهَا، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مُتَفَقِّهٌ، يُقَالُ لَهُ ابْنُ السَّقَّاءِ، فَآذَاهُ فِي مَسْأَلَةٍ، وَعَاوَدَهُ، فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ، فَإِنِّي أَجِدُ مِنْ كَلَامِكَ رَائِحَةَ الْكُفْرِ، وَلَعَلَّكَ تَمُوتُ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ، فَاتَّفَقَ بَعْدَ مُدَيْدَةٍ أَنَّ ابْنَ السَّقَّاءِ خَرَجَ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، وَتَنَصَّرَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015