[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]

498 -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ

ذِكْرُ وَفَاةِ السُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، ثَانِيَ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ، تُوُفِّيَ السُّلْطَانُ بَرْكِيَارُقُ بْنُ مَلِكْشَاهْ، وَكَانَ قَدْ مَرِضَ بأَصْبَهَانَ بِالسُّلِّ، وَالْبَوَاسِيرِ، فَسَارَ مِنْهَا فِي مَحَفَّةٍ طَالِبًا بَغْدَاذَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى بَرُوجَرْدَ ضَعُفَ عَنِ الْحَرَكَةِ، فَأَقَامَ بِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ، فَلَمَّا أَيِسَ مِنْ نَفْسِهِ خَلَعَ عَلَى وَلَدِهِ مَلِكْشَاهْ، وَعُمُرُهُ حِينَئِذٍ أَرْبَعُ سِنِينَ وَثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ، وَخَلَعَ عَلَى الْأَمِيرِ إِيَازَ، وَأَحْضَرَ جَمَاعَةً مِنَ الْأُمَرَاءِ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ ابْنَهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ فِي السَّلْطَنَةِ، وَجَعَلَ الْأَمِيرَ إِيَازَ أَتَابِكَهُ، وَأَمَرَهُمْ بِالطَّاعَةِ لَهُمَا، وَمُسَاعَدَتِهِمَا عَلَى حِفْظِ السَّلْطَنَةِ لِوَلَدِهِ، وَالذَّبِّ عَنْهَا، فَأَجَابُوا كُلُّهُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لَهُمَا، وَبَذْلِ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ فِي حِفْظِ وَلَدِهِ وَسَلْطَنَتِهِ عَلَيْهِ، وَاسْتَحْلَفَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَحَلَفُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْمَسِيرِ إِلَى بَغْدَاذَ، فَسَارُوا، فَلَمَّا كَانُوا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ فَرْسَخًا مِنْ بَرُوجَرْدَ وَصَلَهُمْ خَبَرُ وَفَاتِهِ، وَكَانَ بَرْكِيَارُقُ قَدْ تَخَلَّفَ عَلَى عَزْمِ الْعَوْدِ إِلَى أَصْبَهَانَ فَعَاجَلَتْهُ مَنِيَّتُهُ.

فَلَمَّا سَمِعَ الْأَمِيرُ إِيَازُ بِمَوْتِهِ أَمَرَ وَزِيرَهُ الْخَطِيرَ الْمَبْيَذِيَّ وَغَيْرَهُ بِأَنْ يَسِيرُوا مَعَ تَابُوتِهِ إِلَى أَصْبَهَانَ، فَحُمِلَ إِلَيْهَا، وَدُفِنَ فِي تُرْبَةٍ جَدَّدَتْهَا لَهُ سُرِّيَّتُهُ، ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَ أَيَّامٍ، فَدُفِنَتْ بِإِزَائِهِ، وَأَحْضَرَ إِيَازُ السُّرَادِقَاتِ، وَالْخِيَامَ، وَالْجَتَرَ، وَالشِّمْسَةَ، وَجَمِيعَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ، فَجَعَلَهُ بِرَسْمِ وَلَدِهِ مَلِكْشَاهْ.

ذِكْرُ عُمُرِهِ وَشَيْءٍ مِنْ سِيرَتِهِ

لَمَّا تُوُفِّيَ بَرْكِيَارُقُ كَانَ عُمُرُهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَمُدَّةُ وُقُوعِ اسْمِ السَّلْطَنَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015