فَتَبِعَهُ الْخَلْقُ وَتَقَدَّمُوا عَلَيْهِ فِي الْمَوْقِفِ، وَأَلَحُّوا فِي الزَّحْفِ وَالْقِتَالِ، وَكَانَ صَاحِبُ الْقَلْعَةِ عَلَى شُرْفَةٍ مِنْ سُورِهَا يُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَى الْقِتَالِ، فَأَتَتْهُ نَشَّابَةٌ مِنَ الْعَسْكَرِ فَقَتَلَهُ، وَتَسَلَّمَ أَلْب أَرْسَلَانَ الْقَلْعَةَ وَصَارَتْ فِي جُمْلَةِ مَمَالِكِهِ.

وَكَانَ عَمُّهُ فَخْرُ الْمُلِكِ بَيْغُو بْنُ مِيكَائِيلَ فِي هَرَاةَ، فَعَصَى أَيْضًا عَلَيْهِ، وَطَمِعَ فِي الْمُلْكِ لِنَفْسِهِ، فَسَارَ إِلَيْهِ أَلْب أَرْسَلَانَ فِي الْعَسَاكِرِ الْعَظِيمَةِ، فَحَصَرَهُ وَضَيَّقَ عَلَيْهِ، وَأَدَامَ الْقِتَالَ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَتَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَخَرَجَ عَمُّهُ إِلَيْهِ، فَأَبْقَى عَلَيْهِ وَأَكْرَمَهُ وَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُ.

وَسَارَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى صَغَانِيَانَ، وَأَمِيرُهَا اسْمُهُ مُوسَى، وَكَانَ قَدْ عَصَى عَلَيْهِ.

فَلَمَّا قَارَبَهُ أَلْب أَرْسَلَانَ صَعِدَ مُوسَى إِلَى قَلْعَةٍ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ شَاهِقٍ، وَمَعَهُ مِنَ الرِّجَالِ الْكُمَاةِ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ، فَوَصَلَ السُّلْطَانُ إِلَيْهِ، وَبَاشَرَ الْحَرْبَ لِوَقْتِهِ، فَلَمْ يَنْتَصِفِ النَّهَارُ حَتَّى صَعِدَ الْعَسْكَرُ الْجَبَلَ، وَمَلَكُوا الْقَلْعَةَ قَهْرًا، وَأُخِذَ مُوسَى أَسِيرًا، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَبَذَلَ فِي نَفْسِهِ أَمْوَالًا كَثِيرَةً، فَقَالَ السُّلْطَانُ: لَيْسَ هَذَا أَسِيرًا، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَبَذَلَ فِي نَفْسِهِ أَمْوَالًا كَثِيرَةً، فَقَالَ السُّلْطَانُ: لَيْسَ هَذَا أَوَانُ تِجَارَةٍ، وَاسْتَوْلَى عَلَى تِلْكَ الْوِلَايَةِ بِأَسْرِهَا، وَعَادَ إِلَى مَرْوَ، ثُمَّ مِنْهَا إِلَى نَيْسَابُورَ.

ذِكْرُ عَوْدِ ابْنَةِ الْخَلِيفَةِ إِلَى بَغْدَاذَ وَالْخِطْبَةِ لِلسُّلْطَانِ أَلْبَ أَرَسْلَانَ بِبَغْدَاذَ.

فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَمَرَ السُّلْطَانُ أَلْب أَرْسَلَانَ السَّيِّدَةَ ابْنَةَ الْخَلِيفَةِ بِالْعَوْدِ إِلَى بَغْدَاذَ، وَأَعْلَمَهَا أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ عَلَى عَمِيدِ الْمُلْكِ إِلَّا لِمَا اعْتَمَدَهُ مِنْ نَقْلِهَا مِنْ بَغْدَاذَ إِلَى الرَّيِّ بِغَيْرِ رِضَاءِ الْخَلِيفَةِ، وَأَمَرَ الْأَمِيرَ أَيْتَكِينَ السُّلَيْمَانِيَّ بِالْمَسِيرِ فِي خِدْمَتِهَا إِلَى بَغْدَاذَ، وَالْمُقَامَ بِهَا شِحْنَةً، وَأَنْفَذَ أَبَا سَهْلٍ مُحَمَّدَ بْنَ هِبَةِ اللَّهِ، الْمَعْرُوفَ بِابْنِ الْمُوَفَّقِ، لِلْمَسِيرِ فِي الصُّحْبَةِ، وَأَمَرَهُ بِالْمُخَاطَبَةِ فِي إِقَامَةِ الْخِطْبَةِ لَهُ، فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ مُجَدَّرًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015