ذِكْرُ فَتْحِ السُّوَيْدَاءِ وَرَبَضِ الرُّهَا

فِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ اجْتَمَعَ ابْنُ وَثَّابٍ وَابْنُ عُطَيْرٍ، وَتَصَاهَرَا، وَجَمَعَا، وَأَمَدَّهُمَا نَصْرُ الدَّوْلَةِ بْنُ مَرْوَانَ بِعَسْكَرٍ كَثِيفٍ، فَسَارُوا جَمِيعَهُمْ إِلَى السُّوَيْدَاءِ، وَكَانَ الرُّومُ قَدْ أَحْدَثُوا عِمَارَتَهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهَا أَهْلُ الْقُرَى الْمُجَاوِرَةِ لَهَا، فَحَصَرَهَا الْمُسْلِمُونَ وَفَتَحُوهَا عَنْوَةً، وَقَتَلُوا فِيهَا ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَخَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ، وَغَنِمُوا مَا فِيهَا، وَسَبَوْا خَلْقًا كَثِيرًا، وَقَصَدُوا الرُّهَا فَحَصَرُوهَا، وَقَطَعُوا الْمِيرَةَ عَنْهَا، حَتَّى بَلَغَ مَكُّوكُ الْحِنْطَةِ دِينَارًا، وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ، فَخَرَجَ الْبِطْرِيقُ الَّذِي فِيهَا مُتَخَفِّيًا، وَلَحِقَ بِمَلِكِ الرُّومِ، وَعَرَّفَهُ الْحَالَ، فَسَيَّرَ مَعَهُ خَمْسَةَ آلَافِ فَارِسٍ، فَعَادَ بِهِمْ.

فَعَرَفَ ابْنُ وَثَّابٍ وَمُقَدَّمُ عَسَاكِرِ نَصْرِ الدَّوْلَةِ الْحَالَ، فَكَمَنَا لَهُمْ، فَلَمَّا قَارَبُوهُمْ خَرَجَ الْكَمِينُ عَلَيْهِمْ، فَقُتِلَ مِنَ الرُّومِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَأُسِرَ مِثْلُهُمْ، وَأُسِرَ الْبِطْرِيقُ وَحُمِلَ إِلَى بَابِ الرُّهَا، وَقَالُوا لِمَنْ فِيهَا: إِمَّا أَنْ تَفْتَحُوا الْبَلَدَ لَنَا، وَإِمَّا قَتَلْنَا الْبِطْرِيقَ وَالْأَسْرَى الَّذِينَ مَعَهُ! فَفَتَحُوا الْبَلَدَ لِلْعَجْزِ عَنْ حِفْظِهِ، وَتَحَصَّنَ أَجْنَادُ الرُّومِ بِالْقَلْعَةِ، وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ الْمَدِينَةَ، وَغَنِمُوا مَا فِيهَا، وَامْتَلَأَتْ أَيْدِيهِمْ مِنَ الْغَنَائِمِ وَالسَّبْيِ، وَأَكْثَرُوا الْقَتْلَ، (وَأَرْسَلَ ابْنُ وَثَّابٍ إِلَى آمِدَ مِائَةً وَسِتِّينَ رَاحِلَةً عَلَيْهَا رُءُوسُ الْقَتْلَى) وَأَقَامَ مُحَاصِرًا لِلْقَلْعَةِ.

ثُمَّ إِنَّ حَسَّانَ بْنَ الْجَرَّاحِ الطَّائِيَّ سَارَ فِي خَمْسَةِ آلَافِ فَارِسٍ مِنَ الْعَرَبِ وَالرُّومِ نَجْدَةً لِمَنْ بِالرُّهَا فَسَمِعَ ابْنُ وَثَّابٍ بِقُرْبِهِ، فَسَارَ إِلَيْهِ مُجِدًّا لِيَلْقَاهُ قَبْلَ وُصُولِهِ، فَخَرَجَ مِنَ الرُّهَا مِنَ الرُّومِ إِلَى حَرَّانَ فَقَاتَلَهُمْ أَهْلُهَا، وَسَمِعَ ابْنُ وَثَّابٍ الْخَبَرَ فَعَادَ مُسْرِعًا، فَوَقَعَ عَلَى الرُّومِ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ كَثِيرًا، وَعَادَ الْمُنْهَزِمُونَ إِلَى الرُّهَا.

ذِكْرُ غَدْرِ السَّنَاسِنَةِ وَأَخْذِ الْحَاجِّ وَإِعَادَةِ مَا أَخَذُوهُ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَرَدَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَذْرَبِيجَانَ وَخُرَاسَانَ، وَطَبَرِسْتَانَ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ يُرِيدُونَ الْحَجَّ، وَجَعَلُوا طَرِيقَهُمْ عَلَى أَرْمِينِيَّةَ وَخِلَاطَ، فَوَرَدُوا إِلَى آنِي وَوَسْطَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015