فَأَرَادَ فَسَادَهُ، فَقُتِلَ مِنَ الشِّيعَةِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَأُحْرِقُوا بِالنَّارِ وَنُهِبَتْ دِيَارُهُمْ، وَقُتِلُوا فِي جَمِيعِ إِفْرِيقِيَّةَ، وَاجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إِلَى قَصْرِ الْمَنْصُورِ قَرِيبِ الْقَيْرَوَانِ فَتَحَصَّنُوا بِهِ فَحَصَرَهُمُ الْعَامَّةُ وَضَيَّقُوا عَلَيْهِمْ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْجُوعُ، فَأَقْبَلُوا يَخْرُجُونَ وَالنَّاسُ يَقْتُلُونَهُمْ حَتَّى قُتِلُوا عَنْ آخِرِهِمْ، وَلَجَأَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ بِالْمَهْدِيَّةِ إِلَى الْجَامِعِ فَقُتِلُوا كُلُّهُمْ، وَكَانَتِ الشِّيعَةُ تُسَمَّى بِالْمَغْرِبِ الْمَشَارِقَةَ نِسْبَةً إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشِّيعِيِّ، وَكَانَ مِنَ الْمَشْرِقِ، وَأَكْثَرَ الشُّعَرَاءُ ذِكْرَ هَذِهِ الْحَادِثَةِ فَمِنْ فَرِحٍ مَسْرُورٍ وَمِنْ بَاكٍ حَزِينٍ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، احْتَرَقَتْ قُبَّةُ مَشْهَدِ الْحُسَيْنِ وَالْأَرْوِقَةِ، وَكَانَ سَبَبُهُ أَنَّهُمْ أَشْعَلُوا شَمْعَتَيْنِ كَبِيرَتَيْنِ، فَسَقَطَتَا فِي اللَّيْلِ عَلَى التَّأْزِيرِ، فَاحْتَرَقَ، وَتَعَدَّتِ النَّارُ، وَفِيهِ أَيْضًا احْتَرَقَ نَهْرُ طَابِقٍ وَدَارُ الْقُطْنِ، وَكَثِيرٌ مِنْ بَابِ الْبَصْرَةِ وَاحْتَرَقَ جَامِعُ سُرَّ مَنْ رَأَى.

وَفِيهَا تَشَعَّثَ الرُّكْنُ الْيَمَانِيُّ مِنَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَسَقَطَ حَائِطٌ بَيْنَ يَدَيْ حُجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقَعَتِ الْقُبَّةُ الْكَبِيرَةُ عَلَى الصَّخْرَةِ بِالْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ.

وَفِيهَا كَانَتْ فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ بِوَاسِطٍ، فَانْتَصَرَ السُّنَّةُ وَهَرَبَ وُجُوهُ الشِّيعَةِ وَالْعَلَوِيِّينَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ فَاسْتَنْصَرُوهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015