[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعِينَ وَمِائَة]

140 -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ

ذِكْرُ هَلَاكِ أَبِي دَاوُدَ عَامِلِ خُرَاسَانَ وَوِلَايَةِ عَبْدِ الْجَبَّارِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ هَلَكَ أَبُو دَاوُدَ خَالِدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الذُّهْلِيُّ عَامِلُ خُرَاسَانَ.

وَكَانَ سَبَبُ هَلَاكِهِ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْجُنْدِ ثَارُوا بِهِ وَهُوَ بِكُشْمَاهَنَ، وَوَصَلُوا إِلَى الْمَنْزِلِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَائِطِ لَيْلًا، فَوَطِئَ حَرْفَ آجُرَّةٍ خَارِجَةٍ، وَجَعَلَ يُنَادِي أَصْحَابَهُ لِيَعْرِفُوا صَوْتَهُ، فَانْكَسَرَتِ الْآجُرَّةُ تَحْتَهُ عِنْدَ الصُّبْحِ، فَسَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ، فَانْكَسَرَ ظَهْرُهُ، فَمَاتَ عِنْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ.

فَقَامَ عِصَامٌ صَاحِبُ شُرْطَتِهِ بَعْدَهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيُّ عَامِلًا عَلَى خُرَاسَانَ، فَلَمَّا قَدِمَهَا أَخَذَ جَمَاعَةً مِنَ الْقُوَّادِ اتَّهَمَهُمْ بِالدُّعَاءِ إِلَى وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، مِنْهُمْ: مُجَاشِعُ بْنُ حُرَيْثٍ الْأَنْصَارِيُّ عَامِلُ بُخَارَى، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ خَالِدُ بْنُ كَثِيرٍ مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ عَامِلُ قُوهِسْتَانَ، وَالْحَرِيشُ بْنُ مُحَمَّدٍ الذُّهْلِيُّ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أَبِي دَاوُدَ، فَقَتَلَهُمْ وَحَبَسَ جَمَاعَةً غَيْرَهُمْ، وَأَلَحَّ عَلَى عُمَّالِ أَبِي دَاوُدَ فِي اسْتِخْرَاجِ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ.

ذِكْرُ قَتْلِ يُوسُفَ الْفِهْرِيِّ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ نَكَثَ يُوسُفُ الْفِهْرِيُّ، الَّذِي كَانَ أَمِيرَ الْأَنْدَلُسِ، عَهْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأُمَوِيِّ.

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ كَانَ يَضَعُ عَلَيْهِ مَنْ يُهِينُهُ، وَيُنَازِعُهُ فِي أَمْلَاكِهِ، فَإِذَا أَظْهَرَ حُجَّةَ الشَّرِيعَةِ لَا يَعْمَلُ بِهَا، فَفَطِنَ لِمَا يُرَادُ مِنْهُ، فَقَصَدَ مَارِدَةَ وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ أَلْفًا، فَسَارَ نَحْوَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ قُرْطُبَةَ نَحْوَهُ إِلَى حِصْنِ الْمُدَوَّرِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015