[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ]

15 -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ

وَقِيلَ: إِنَّ الْكُوفَةَ مَصَّرَهَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، دَلَّهُمْ عَلَى مَوْضِعِهَا ابْنُ بُقَيْلَةَ، قَالَ لِسَعْدٍ: أَدُلُّكَ عَلَى أَرْضٍ لِلَّهِ ارْتَفَعَتْ مِنَ الْبَقِّ وَانْحَدَرَتْ عَنِ الْفَلَاةِ! فَدَلَّهُ عَلَى مَوْضِعِهَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَيَأْتِي ذِكْرُهُ

ذِكْرُ الْوَقْعَةِ بِمَرْجِ الرُّومِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتِ الْوَقْعَةُ بِمَرْجِ الرُّومِ، وَكَانَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ سَارَا بِمَنْ مَعَهُمَا مِنْ فِحْلٍ قَاصِدِينَ حِمْصَ، فَنَزَلَا عَلَى ذِي الْكَلَاعِ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ هِرَقْلَ. فَبَعَثَ تُوذَرَ الْبِطْرِيقَ، حَتَّى نَزَلَ بِمَرْجِ الرُّومِ غَرْبَ دِمَشْقَ، وَنَزَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَرْجِ الرُّومِ أَيْضًا، وَنَازَلَهُ يَوْمَ نُزُولِهِ شَنَشُ الرُّومِيُّ فِي مِثْلِ خَيْلِ تُوذَرَ، إِمْدَادًا لِتُوذَرَ وَرِدْءًا لِأَهْلِ حِمْصَ. فَلَمَّا نَزَلَ أَصْبَحَتِ الْأَرْضُ مِنْ تُوذَرَ بِلَاقِعُ، وَكَانَ خَالِدٌ بِإِزَائِهِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بِإِزَاءِ شَنَشَ، وَسَارَ تُوذَرُ يَطْلُبُ دِمَشْقَ، فَسَارَ خَالِدٌ وَرَاءَهُ فِي جَرِيدَةٍ، وَبَلَغَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ فِعْلُ تُوذَرَ فَاسْتَقْبَلَهُ فَاقْتَتَلُوا، وَلَحِقَ بِهِمْ خَالِدٌ وَهُمْ يَقْتَتِلُونَ فَأَخَذَهُمْ مِنْ خَلْفِهِمْ وَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ إِلَّا الشَّرِيدُ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مَا مَعَهُمْ، فَقَسَّمَهُ يَزِيدُ فِي أَصْحَابِهِ وَأَصْحَابِ خَالِدٍ، وَعَادَ يَزِيدُ إِلَى دِمَشْقَ، وَرَجَعَ خَالِدٌ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ وَقَدْ قُتِلَ تُوذَرُ. وَقَاتَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ بَعْدَ مَسِيرِ خَالِدٍ شَنَشَ، فَاقْتَتَلُوا بِمَرْجِ الرُّومِ، فَقُتِلَتِ الرُّومُ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَقُتِلَ شَنَشُ، وَتَبِعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى حِمْصَ، فَلَمَّا بَلَغَ هِرَقْلَ ذَلِكَ أَمَرَ بِطْرِيقَ حِمْصَ بِالْمَسِيرِ إِلَيْهَا، وَسَارَ هُوَ إِلَى الرُّهَاءِ، وَسَارَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى حِمْصَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015