[كتاب العتق]

وهو: قربة مندوب إليها، بدليل ما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله: «من أعتق رقبة مؤمنة، أعتق الله بكل إرب منها، إرباً منه من النار» رواه مسلم، حتى إنه ليعتق اليد باليد، والرجل بالرجل، والفرج بالفرج. والأفضل عتق من له قوة وكسب، يستغني به، فأما من لا كسب له، فحكي عن أحمد أنه لا يستحب عتقه، لأنه يتضرر بفوات نفقته الواجبة له، وربما صار كَلاً على الناس.

فصل:

ويحصل العتق بثلاثة، القول، والملك، والاستيلاد، ولا يحصل بالنية المجردة، لأنه إزالة ملك، فلم يحصل بمجرد النية، كالطلاق، وألفاظه تنقسم إلى صريح وكناية، فالصريح: لفظ العتق، والحرية، وما تصرف منهما، لأنه يثبت لهما عرف الشرع والاستعمال، فكانا صريحين، كلفظ الطلاق في الطلاق، فإن أراد بهما غير العتق، كرجل يقول لغلامه: هو حر، يريد أنه عفيف كريم الأخلاق، أو يغالبه فيقول: ما أنت إلا حر، يريد أنك تمتنع من طاعتي امتناع الحر، فقد قال أحمد في رواية حنبل: أرجو أن لا يعتق، وأنا أهاب المسألة، فظاهر هذا أنه لا يعتق، لأنه نوى بلفظه ما يحتمله، فانصرف إليه. كما لو نوى العتق بكنايته.

والكناية: نحو قوله: قد خليتك، واذهب حيث شئت، والحق بأهلك، وحبلك على غاربك، ونحوه. فلا يعتق بذلك حتى ينويه، لأنه يحتمل غير العتق، فأشبه كناية الطلاق فيه، وفي قوله: لا سبيل لي عليك، ولا سلطان لي عليك وأنت سائبة، وفككت رقبتك، ولا رق لي عليك، وأنت لله، وأنت مولاي، وملكتك نفسك. فيه روايتان:

إحداهما: هو صريح في العتق، لأنها تتضمن العتق، وقد جاء في كتاب الله تعالى: {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 13] . يعني: العتق، فكانت صريحة، كقوله: أعتقتك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015