المثل، وإن جعل لواحد جعلاً، فأعانه آخر، فالجعل كله للمجعول له؛ لأن العمل كله له.

فإن قال الآخر: شاركته لأشاركه في الجعل، فللعامل نصف الجعل؛ لأنه عمل نصف العمل ولا شيء للآخر؛ لأنه لم يشرط له شيء.

فصل:

ومن عمل لغيره عملاً بغير جعل، فلا شيء له؛ لأنه بذل منفعته بغير عوض، فلم يستحقه، وإن التقط لقطة قبل الجعل، ثم بلغه الجعل لم يستحقه؛ لأنه وجب عليه ردها بالتقاطها، فلم يجز له أخذ العوض عن الواجب، وإن التقطها بعد الجعل، ولم يعلم بذلك لم يستحقه؛ لأنه تطوع بالالتقاط، وإن نادى غير صاحب الضالة: من ردها، فله دينار، فردها رجل، فالدينار على المنادي؛ لأنه ضمن العوض وإن قال في النداء: قال فلان: من رد ضالتي فله دينار، فردها رجل، لم يضمن المنادي؛ لأنه لم يضمن، إنما حكى قول غيره.

فصل

وإن اختلفا في الجعل أو في قدره، أو في المجعول فيه الجعل، فالقول قول المالك؛ لأنه منكر ما يدعى عليه والأصل عدمه.

فصل:

وإن رد آبقاً من غير شرط، ففيه روايتان: إحداهما: لا جعل له فيما ذكرنا.

والثانية: له الجعل؛ لأن ذلك يروى عن عمر، وعلي، وابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، ولا يعرف لهم مخالف في الصحابة، ويروى عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أنه جعل في الآبق إذا جاء به خارجاً من الحرم ديناراً» ولأن في ذلك حثاً على رد الإباق، وصيانة عن الرجوع إلى دار الحرب، وردتهم عن دينهم، فينبغي أن يكون مشروعاً، وقدر الجعل ديناراً أو اثني عشر درهماً، لما روينا، ولأن ذلك يروى عن عمر وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وعن أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه إن رده من خارج المصر فله أربعون درهماً، وإن رده من المصر، فله دينار؛ لأنه يروى عن ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وسواء كان ذلك كقيمة العبد أو أقل أو أكثر، فإن مات السيد، استحق الجعل في تركته، وما أنفقه على الآبق في قوته، رجع به على سيده، سواء رده أو هرب منه في بعض الطريق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015