القيامه الكبري (صفحة 220)

أدنيت منهم. فيقول لأصحابه: هل تعرفوني؟ فيقولون: قد غمرتك كرامة الله، من أنت؟ فيقول: أنا فلان بن فلان، ليبشر كل رجل منكم بمثل هذا (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) (?) أي قدمتم في أيام الدنيا.

وإذا كان الرجل رأساً في الشر يدعو إليه، ويأمر به، فيكثر تبعه عليه، ونودي باسمه واسم أبيه، فيتقدم إلى حسابه، فيخرج له كتاب أسود، بخط أسود، في باطنه الحسنات، وفي ظاهره السيئات، فبدأ بالحسنات فيقرؤها، ويظن أنه سينجو، فإذا بلغ آخر الكتاب، وجد فيه: هذه حسناتك، وقد ردت عليك، فيسود وجهه، ويعلوه الحزن، ويقنط من الخير، ثم يقلب كتابه، فيقرأ سيئاته، فلا يزداد إلا حزناً، ولا يزداد وجهه إلا سواداً. فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه: هذه سيئاتك، وقد ضوعفت عليك، أي يضاعف عليه العذاب، ليس المعنى أنه يزاد عليه ما لم يعمل. قال: فيعظم في النار، وتزرق عيناه، ويسود وجهه، ويكسى سرابيل القطران.

ويقال له: انطلق إلى أصحابك فأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا، فينطلق وهو يقول: (يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ - وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ - يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ) يعني الموت (هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ) فسره ابن عباس رضي الله عنهما: هلكت عني حجتي. قال الله تعالى: (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ - ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) أي اجعلوه يصلى الجحيم (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ) الله أعلم بأي ذراع. قال الحسن وقال ابن عباس رضي الله عنهما: سبعون ذراعاً بذراع الملك. (فاسلكوه) ، قيل: يدخل عنقه فيها، ثم يجر بها، ولو أن حلقة منها وضعت على جبل لذاب.

فينادي أصحابه فيقول: هل تعرفوني؟ فيقولون: لا، ولكن قد نرى ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015