الفصل السابع: ما جاء فيها من بيان لحقيقة الإعجاز في أمية الرسول - صلى الله عليه وسلم - (راية الإعجاز)

الفصل السابع: ما جاء فيها من بيان لحقيقة الإعجاز في أمية الرسول - صلى الله عليه وسلم -

(راية الإعجاز)

من المعلوم أن أول ما نزل من القرآن (إقرأ) وكان رد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما أنا بقارئ (?)، وفي هذا بيانٌ لطهارة الرسول من زيغ الكلام، حتى وإن كان الكلام حقاً، فلو لم يكن طاهراً في الباطن لقال ماذا أقرأ؟ ولكنه رد ببيان حقيقة الواقع بأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، "وقيل لسيدنا محمدٍ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأُمِّي لأَن أُمَّة العرب لم تكن تَكْتُب ولا تَقْرَأ المَكْتُوبَ، وبَعَثَه الله رسولاً وهو لا يَكْتُب ولا يَقْرأُ من كِتاب، وكانت هذه الخَلَّة إحْدَى آياته المُعجِزة لأَنه - صلى الله عليه وسلم - تَلا عليهم كِتابَ الله مَنْظُوماً، تارة بعد أُخْرَى، بالنَّظْم الذي أُنْزِل عليه فلم يُغَيِّره ولم يُبَدِّل أَلفاظَه، وكان الخطيبُ من العرب إذا ارْتَجَل خُطْبَةً ثم أَعادها زاد فيها ونَقَص، فحَفِظه الله عزّ وجلّ على نَبيِّه كما أَنْزلَه، وأَبانَهُ من سائر مَن بَعَثه إليهم بهذه الآية التي بايَنَ بَينه وبينهم بها، ففي ذلك أَنْزَل الله تعالى: وما كنتَ تَتْلُو من قَبْلِه من كِتاب ولا تَخُطُّه بِيَمِينِك إذاً لارْتابَ المُبْطِلون" (?). إذن فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتلو القرآن من حفظه بتسلسل وترتيب لا يكون إلا لمن كان قارئاً بالأصل، كيف لا وهو يتلو من كتاب فيه الحكمة ودقة الكلمات، بنظم لا وزن فيه كما هي حال الشعر، وهو الأسهل للحفظ من المشافهة، وهذا الكتاب يحتوي ما فيه علم الأولين من قبل آدم عليه السلام من خلق السماوات والأرض، وفيه أخبار الأمم والأنبياء والصالحين من أهل العلم والحكام، ويحتوي ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015