الوسط الخبيث، وتلك البيئة الفاسدة، إلى جوٍّ المدينة الطاهر الجميل.

وأول من خرج، أبو سلمة المخزومي زوج أم سلمة رضي الله عنهما1، ثم تتابع المهاجرون بعد أبي سلمة، فرارًا بدينهم ليتمكنوا من عبادة الله الذي امتزج حبه بنفوسهم. ولم يبق منهم إلا أبو بكر وعلي، وقليلون من المستضعفين الذين لم تمكنهم أحوالهم من الهجرة.

وقد كان بقاء أبي بكر وعلي بأمر من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك أن أبا بكر أراد الهجرة. فقال له الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "علي رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي".

فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك يا رسول الله، بأبي أنت؟ قال: "نعم".

فحبس أبو بكر نفسه، انتظارًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليكون في شرف صحبته، وجهز راحلتين عنده استعدادًا لذلك اليوم الموعود2.

ولا شك أن هجرة المسلمين من مكة إلى المدينة كانت مبعث سعادة نفسية كبرى لهم، لأنهم تنفسوا الصعداء، وشعروا بالحرية التي لم يكونوا يألفونها، وأخذوا يعبدون الله وينشرون دينه في جوٍّ بعيد عن الضغط والإرهاب والظلم والعدوان.

كما كانت ضربة قاضية على المشركين في مكة، إذا خاب أملهم وأفلت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015