يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم، فساروا إليهم وخاطبوهم قائلين: يا معشر الخزرج، بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا، وإنه -والله- ما من حيٍّّ من العرب يغضبنا أن تنشب الحرب بيننا وبينهم أكثر منكم. فلم يجبهم أحد ممن أسلم بكلمة.

أما المشركون منهم فقد حلفوا لهم أنه لم يحدث من ذلك شيء وما علموا به، وقال عبد الله بن أُبي وهو سيد من سادات مشركي يثرب: إن هذا الأمر جسيم ما كان قومي ليتفقوا على مثل هذا وما أعلم به. فاعتقد رؤساء قريش صدق قوله وانصرفوا1.

وبعد ذلك بقليل بدأت قوافل الحجاج تعود إلى أوطانها، ولما مضى على رحيل أهل يثرب بضعة أيام تأكد لدى قريش أن ما علموه من أمر البيعة صحيح، وأن حديث عبد الله بن أُبيّ حديث غير العارف بها، ووقفت على تفاصيل ما دار في بيعة العقبة، فعرفت عدد الذين بايعوا ولم يخف عليهم كذلك ما تعاهدوا عليه من حمايتهم للرسول -صلى الله عليه وسلم- والدفاع عنه، لذلك قامت قيامتهم وخرجوا يتعقبون الركب المدني للإيقاع به، فلم يدركوا منهم إلا سعد بن عبادة وكان قد تأخر عن القافلة، فأخذوه وردوه إلى مكة مسحوبًا من شعره الطويل وعذبوه حتى أجاره جبير بن مطعم بن عدي، وأطلق سراحه ثم عاد إلى المدينة2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015