وَمِنْهَا: لَوْ جَرَحَ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ فَلَا ضَمَانَ أَيْضًا. وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ أَنَّ الضَّمَانَ هُنَا مُخَرَّجٌ عَلَى الضَّمَانِ فِيمَا إذَا طَرَأَ الْإِسْلَامُ بَعْدَ الرَّمْيِ وَقَبْلَ الْإِصَابَةِ.

وَمِنْهَا: لَوْ جَرَحَ صَيْدًا فِي الْحِلِّ ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ فَمَاتَ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ وَيَحِلُّ أَكْلُهُ، ذَكَاةً فِي الْحِلِّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ قَوْلِ سُفْيَانَ فِي صَيْدِ ذِمِّيٍّ فِي الْحِلِّ فَتَحَامَلَ فَدَخَلَ الْحَرَمَ فَمَاتَ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ ; لِأَنَّهُ مَاتَ فِي الْحَرَمِ.

قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ: وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ.

وَمِنْهَا: لَوْ جَرَحَ عَبْدٌ نَفْسَهُ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ، ذَكَرَهُمَا فِي التَّرْغِيبِ ; لِأَنَّ عَبْدَ نَفْسِهِ إنَّمَا يُهْدَرُ ضَمَانُهُ عَلَى السَّيِّدِ دُونَ غَيْرِهِ، فَهُوَ مَضْمُونٌ فِي الْجُمْلَةِ، بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّهُ يَضْمَنُهُ بِدِيَةِ حُرٍّ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ الضَّمَانَ بِالْقِيمَةِ فَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ ضَمَانِهِ، وَلِهَذَا خَرَّجَهُ صَاحِبُ الْكَافِي عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الِاعْتِبَارِ بِحَالِ الْجِنَايَةِ أَوْ السِّرَايَةِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ فَلَهُ أَمْثِلَةٌ: مِنْهَا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمًا أَوْ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا فَارْتَدَّ ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ يَجِبُ الْقَوَدُ فِي طَرَفِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، الْمُرَجَّحُ مِنْهُمَا عَدَمُهُ ; لِأَنَّ الْجِرَاحَةَ صَارَتْ نَفْسًا لَا قَوَدَ فِيهَا بِالِاتِّفَاقِ، وَفِي التَّرْغِيبِ أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا فَسَرَتْ إلَى نَفْسِهِ، هَلْ يُقْتَصُّ فِي الطَّرَفِ ثُمَّ فِي النَّفْسِ أَمْ فِي النَّفْسِ فَحَسْبُ؟ وَعَلَى وَجْهِ ثُبُوتِ الْقَوَدِ هَلْ يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ أَوْ وَلِيُّهُ الْمُسْلِمُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَالْمَحْكِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ يَسْتَوْفِيهِ الْوَلِيُّ.

قَالَ فِي التَّرْغِيبِ أَصْلُهُمَا أَنَّ مَالَهُ هَلْ هُوَ فَيْءٌ أَوْ لِوَرَثَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْآمِدِيِّ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَارِثَ يَسْتَوْفِيهِ لَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمَالُ لِامْتِنَاعِ إرْثِهِ، وَفِي الْمُحَرَّرِ الْوَجْهَانِ عَلَى قَوْلِنَا مَالُهُ فَيْءٌ، وَأَمَّا ضَمَانُ طَرَفِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا ضَمَانَ أَيْضًا ; لِأَنَّ الْجِنَايَةَ صَارَتْ نَفْسًا مُهْدَرَةً.

وَالثَّانِي: يَضْمَنُ لِثُبُوتِ ضَمَانِ الطَّرَفِ قَبْلَ الرِّدَّةِ، ثُمَّ هَلْ يَضْمَنُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ أَوْ بِدِيَةِ الطَّرَفِ مُطْلَقًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، الْمُرَجَّحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُحَرَّرِ سِوَاهُ.

وَمِنْهَا: لَوْ جَرَحَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ فَخَرَجَ إلَى الْحِلِّ فَمَاتَ لَزِمَهُ كَمَالُ ضَمَانِهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا تَغْلِيبًا لِضَمَانِ الصَّيْدِ حَيْثُ كَانَ لَهُ حَالَانِ يَضْمَنُ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، كَالْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ، وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَضْمَنَ أَرْشَ جُرْحِهِ خَاصَّةً مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا.

[الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ إذَا تَعَيَّنَ حَالُ الْمَرْمِيِّ أوالرامي بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَة]

(الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : إذَا تَعَيَّنَتْ حَالُ الْمَرْمِيِّ تَجِيئ بَيْنَ الرَّمْي وَالْإِصَابَةِ، فَهَلْ الِاعْتِبَار بِحَالِ الْإِصَابَةِ أَمْ بِحَالَةِ الرَّمْي، أَمْ يُفَرَّق بَيْن الْقَوَدِ وَالضَّمَانِ، أَمْ بَيْن أَنْ يَكُون بَيْن الرَّمْي مُبَاحًا أَوْ مَحْظُورًا؟ فِيهِ لِلْأَصْحَابِ أَوْجُهٌ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015