الْمَجْهُولِ مَالِكُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ بِأَهْلِ مَكَانِهِ ; لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى وُصُولِ الْمَالِ إلَيْهِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ وَيُرَاعَى فِي ذَلِكَ الْفُقَرَاءُ ; لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ كَمَا يُرَاعَى فِي مَوْضِعِ الدِّيَةِ الْغَنِيُّ

(وَمِنْهَا) الْغُصُوبَ الَّتِي جُهِلَ رَبُّهَا فَيَتَصَدَّقُ بِهَا أَيْضًا وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ فِيهِ خِلَافًا وَطَرَدَ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِ الْخِلَافَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ لِبَيْتِ الْمَالِ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمَسْرُوقِ وَنَحْوِهِ نَصَّ عَلَيْهِ. وَلَوْ مَاتَ الْمَالِكُ وَلَا وَارِثَ لَهُ يُعْلَمُ فَكَذَلِكَ يُتَصَدَّقُ بِهِ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ أَيْضًا.

[تَنْبِيه الدُّيُونُ الْمُسْتَحَقَّةُ كَالْأَعْيَانِ وَجُهِلَ أَصْحَابَهَا]

تَنْبِيهَانِ:

أَحَدُهُمَا: الدُّيُونُ الْمُسْتَحَقَّةُ كَالْأَعْيَانِ يُتَصَدَّقُ بِهَا عَنْ مُسْتَحَقِّهَا نَصَّ عَلَيْهِ وَمَعَ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: تَصَدَّقْ عَنِّي بِالدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ لَمْ يَبْرَأْ بِالصَّدَقَةِ عَنْهُ، وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْمَدْفُوعُ مِلْكًا لَهُ فَإِنَّ الدَّيْنَ لَا يَتَعَيَّنُ مِلْكُهُ فِيهِ بِدُونِ قَبْضِهِ أَوْ قَبْضِ وَكِيلِهِ وَفَرَّقَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَرِئَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ كَالْوَكِيلِ وَخَرَّجَ فِي الْمُجَرَّدِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى بَيْعِ الْوَكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ الْقَبْضُ مِنْ نَفْسِهِ حَيْثُ وَكَّلَهُ الْمَالِكُ فِي التَّعْيِينِ وَالْقَبْضِ، وَقَدْ أَطْلَقَ هَاهُنَا جَوَازَ الصَّدَقَةِ بِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا رِوَايَةً ثَانِيَةً بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا أَوْ مَحْمُولًا عَلَى حَالَةِ تَعَذُّرِ وُجُودِ الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَكَذَلِكَ نَصَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ قَدْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِلنَّاسِ فَقَضَى عَنْهُ دِينَهُ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ أَنَّهُ يَبْرَأُ بِهِ فِي الْبَاطِنِ.

وَالثَّانِي: إذَا أَرَادَ مَنْ بِيَدِهِ عَيْنٌ جُهِلَ رَبُّهَا أَنْ يَتَمَلَّكَهَا وَيَتَصَدَّقَ، بِقِيمَتِهَا عَنْ مَالِكِهَا فَنَقَلَ صَالِحٌ عَنْ أَبِيهِ الْجَوَازَ فِيمَنْ اشْتَرَى آجُرًّا وَعَلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ مَا لَا يَمْلِكُ وَلَا يَعْرِفُ لَهُ أَرْبَابًا أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ قِيمَةَ الْآجُرِّ فَيَتَصَدَّقَ بِهِ أَنْ يَنْجُوَ مِنْ إثْمِهِ، وَقَدْ يَتَخَرَّجُ فِيهِ الْخِلَافُ مِنْ جَوَازِ شِرَاءِ التَّوْكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ عَنْهُ فِيمَنْ لَهُ دَيْنٌ وَعِنْدَهُ رَهْنٌ وَانْقَطَعَ خَبَرُ صَاحِبِهِ وَبَاعَهُ هَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْهُ وَيَتَصَدَّقَ بِالْفَاضِلِ أَمْ يَتَصَدَّقَ بِهِ كُلِّهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ; لِأَنَّ فِيهِ اسْتِيفَاءً لِلْحَقِّ بِنَفْسِهِ مِنْ تَحْتَ يَدِهِ وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ جَوَازَهُ مُطْلَقًا وَخَرَّجَهُ مِنْ بَيْعِ الْوَكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ وَمِنْ مَوَاضِعَ أُخَرَ.

[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالتِّسْعُونَ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا وَوَصَفَهُ]

(الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالتِّسْعُونَ) : مَنْ ادَّعَى شَيْئًا وَوَصَفَهُ دُفِعَ إلَيْهِ بِالصِّفَةِ إذَا جُهِلَ رَبُّهُ وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ يَدٌ مِنْ جِهَةِ مَالِكِهِ وَإِلَّا فَلَا. وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ:

(مِنْهَا) اللُّقَطَةُ يَجِبُ دَفْعُهَا إلَى وَاصِفِهَا نَصَّ عَلَيْهِ وَإِنْ وَصَفَهَا اثْنَانِ فَهِيَ لَهُمَا، وَقِيلَ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015