القضايا الكبري (صفحة 110)

نضوج فكر بن نبي في مدارك الشباب الجزائري المثقف، وذلك مؤشر لابدّ من دفعه إلى المدى الذي يؤهل فكر بن نبي ليكون منطلق الفكر والرؤية في جيل الشباب الذي لا يزال منغمساً في فوضى الاتجاه وضبابية الرؤى وابتسار الحلول.

فالمقدمة التي وضعها الأستاذ بوقروح قد طرحت المشكلة في عمقها الحاسم، ومن أجل بناء رؤية تعيد صياغة فكر النهضة عبر جيل لا يستطيع أن يتجاهل طويلاً كما قال الأستاذ بوقروح مالك بن نبي.

وأمام هذه الرؤية التي طرحها مقدِّم الكتاب والمعلِّق عليه نجد لزاماً، أن يطّلع القارئ العربي على هذه الآفاق التي تضع فكر بن نبي في موقعه الملائم.

ـ[الاعتبار الرابع]ـ: إزاء هذه الاعتبارات رأينا من المفيد للقارئ العربي أن يدرك المرامي البعيدة التي طرحها بن نبي في مختلف كتبه، والتي تتمحور حول محور واحد هو مشكلة الحضارة، وقد تضافرت في هذه المحاضرات الخمس حيث ألقيت الثلاثة الأولى منها في الجزائر عام 1964م، إثر عودته إليها بعد الاستقلال مفعماً بالأمل في بناء دولة الاستقلال بعد أن تحقق استقلال الدولة.

ولا نحب في هذه المقدمة أن نشير إلى الإحباط الشديد الذي أحاط ببن نبي حين ساهم كمدير للتعليم العالمي في الجزائر، مما نجد صداه في مجموعة المقالات التي نشرها في مجلة ( La révolution africaine) خلال عقد الستينات كما نجده في كتبه التي صدرت في تلك الحقبة، وبالخصوص كتاب (مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي).

لكننا وأمام هذا التجاهل الذي كان الأشد على نفسه، نرى في بادرة الشباب الجزائري عزاء لفكر بن نبي الذي لا يزال لاعتبارات تتصل بالصراع الفكري في البلاد المستعمرة يُسام الإغفال من مخططي الثقافة ويُلقي على فكره ستارٌ كثيفٌ يحول بين الأجيال والمنهج الفاعل في بناء نهضتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015