لا هوادة في التعامل مع المنافقين

قال تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89)} [النساء: 88 - 90] ..

إنهم قد كفروا .. على الرغم من أنهم تكلموا بما تكلم به المسلمون، ونطقوا بالشهادتين نطقا يكذبه العمل في مظاهرة أعداء المسلمين .. وهم لا يريدون أن يقفوا عند هذا الحد. فالذي يكفر لا يستريح لوجود الإيمان في الأرض ووجود المؤمنين. ولا بد له من عمل وسعي، ولا بد له من جهد وكيد لرد المسلمين إلى الكفر. ليكونوا كلهم سواء.

هذا هو الإيضاح الأول لحقيقة موقف أولئك المنافقين .. وهو يحمل البيان الذي يرفع التميع في تصور الإيمان ويقيمه على أساس واضح من القول والعمل متطابقين. وإلا فلا عبرة بكلمات اللسان، وحولها هذه القرائن التي تشهد بالكذب والنفاق: والقرآن يلمس مشاعر المؤمنين لمسة قوية مفزعة لهم، وهو يقول لهم: «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً» ..

فقد كانوا حديثي عهد بتذوق حلاوة الإيمان بعد مرارة الكفر. وبالنقلة الضخمة التي يجدونها في أنفسهم، بين مشاعرهم ومستواهم ومجتمعهم في الجاهلية .. ثم في الإسلام. وكان الفرق واضحا بارزا في مشاعرهم وفي واقعهم، تكفي الإشارة إليه لاستثارة عداوتهم كلها لمن يريد أن يردهم إلى ذلك السفح الهابط - سفح الجاهلية - الذي التقطهم منه الإسلام فسار بهم صعدا في المرتقى الصاعد، نحو القمة السامقة.

ومن ثم يتكىء المنهج القرآني على هذه الحقيقة فيوجه إليهم الأمر في لحظة التوفز والتحفز والانتباه للخطر البشع الفظيع الذي يتهددهم من قبل هؤلاء: «فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ، وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً» ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015