حِيَازَتُهُ لَهُ إلَى أَنْ يَبْلُغَ.

وَلْيُكْرِهَا لَهُ وَلَا يَسْكُنُهَا فَإِنْ لَمْ يَدَعْ سُكْنَاهَا حَتَّى مَاتَ بَطَلَتْ.

وَإِنْ انْقَرَضَ مَنْ حُبِّسَتْ عَلَيْهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالرُّجُوعُ فِيهَا لِمَا قَالَهُ أَئِمَّتُنَا مِنْ أَنَّ حُكْمَ الْوَقْفِ اللُّزُومُ فِي الْحَالِ إذَا نَجَزَهُ أَوْ أَطْلَقَ، لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى التَّنْجِيزِ، وَلِذَا لَا يَصِحُّ عِنْدَنَا الِاسْتِبْدَالُ فِي الْوَقْفِ، وَلَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى قَبُولٍ حَيْثُ كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ لِتَعَذُّرِهِ مِنْهُ، وَأَمَّا عَلَى مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلْقَبُولِ أَوْ وَلِيَّهُ إنْ كَانَ مَحْجُورًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوقَفِ عَلَيْهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ وَلِيٌّ فَيُقِيمُ لَهُ السُّلْطَانُ مَنْ يَقْبَلُ لَهُ، فَإِنْ رَدَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنُ الْأَهْلُ مَا وَقَفَهُ الْغَيْرُ عَلَيْهِ فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَرْجِعُ حُبُسًا لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ.

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَهِيَ عَلَى مَا جَعَلَهَا عَلَيْهِ أَنَّهُ عَيَّنَ الْجِهَةَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهَا، وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِ حُكْمُ مَا لَوْ وَقَفَ دَارِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الشَّيْءَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ الصِّحَّةُ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَصْرِفِهِ وَيُصْرَفُ فِي غَالِبِ مَا تَحْبِسُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْبَلَدِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا تَعْيِينُ مَصْرِفِهِ وَصُرِفَ فِي غَالِبٍ وَإِلَّا فَالْفُقَرَاءُ.

الثَّانِي: يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَهِيَ عَلَى مَا جَعَلَهَا عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجِبُ اتِّبَاعُ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَهُوَ كَذَلِكَ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَاتَّبَعَ شَرْطَهُ إنْ جَازَ، قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ: وَكَذَا إنْ كَرِهَ كَاشْتِرَاطِ وَقْفِهِ عَلَى قِرَاءَةِ سَبْعٍ جَمَاعَةً أَوْ عَلَى ضَحِيَّةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَنْ الْوَاقِفِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَيَحِلُّ وُجُوبُ اتِّبَاعِ شَرْطِهِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِشَرْطِهِ جَازَتْ مُخَالَفَتُهُ كَاشْتِرَاطِ قِرَاءَةِ دَرْسِ عِلْمٍ فِي مَحَلٍّ وَيَخْرَبُ بِحَيْثُ لَا تُمْكِنُ الْقِرَاءَةُ فِيهِ أَوْ يَتَعَذَّرُ حُضُورُ الطَّالِبِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَفِعْلُهُ كَشَرْطِهِ فِي وُجُوبِ الِاتِّبَاعِ، مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يُقَرِّرَ مُدَرِّسًا مَالِكِيًّا يَقْرَأُ فِي مَسْجِدِهِ ثُمَّ يَمُوتَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ بَعْدَهُ إنْ مَاتَ الْمَالِكِيُّ أَنْ يُقَرِّرَ حَنَفِيًّا أَوْ شَافِعِيًّا، وَإِنَّمَا يُقَرِّرُ مَالِكِيًّا اتِّبَاعًا لِفِعْلِ الْوَاقِفِ.

الثَّالِثُ: لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ عِنْدَنَا التَّأْبِيدُ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: فَهِيَ عَلَى مَا جَعَلَهَا عَلَيْهِ يُوهِمُ اشْتِرَاطَ التَّأْبِيدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِهِ لِلْوَقْفِ حَيْثُ قَالَ: إعْطَاءُ مَنْفَعَةِ شَيْءٍ مُدَّةَ وُجُودِهِ فَإِنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ وَأَنَّهُ بَنَى التَّعْرِيفَ عَلَى الْغَالِبِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ وَيَصِيرُ الَّذِي كَانَ مَوْقُوفًا مِلْكًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ خَلِيلٌ وَغَيْرُهُ، وَيَجُوزُ عِنْدَنَا لِنَاظِرِ الْوَقْفِ بِأَنْ يَفْعَلَ فِي الْوَقْفِ كُلَّ مَا كَانَ قَرِيبًا لِغَرَضِهِ وَإِنْ خَالَفَ شَرْطَهُ، كَمَا لَوْ وَقَفَ مَاءً عَلَى الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ فَيَجُوزُ لِلنَّاظِرِ أَنْ يُمَكِّنَ الْعَطْشَانَ يَشْرَبُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَمَا مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ.

ثُمَّ بَيَّنَ شَرْطَ تَمَامِ وَقْفِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا بِقَوْلِهِ: (إنْ حِيزَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ) أَوْ فَلَسِهِ أَوْ جُنُونِهِ، فَلَوْ قَالَ قَبْلَ كَمَوْتِهِ لَشَمِلَ بَقِيَّةَ الْمَانِعِ مِنْ فَلَسٍ أَوْ جُنُونٍ، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَحْصُلْ حِيَازَةٌ حَتَّى مَاتَ الْوَاقِفُ أَوْ فَلِسَ بَطَلَ الْوَقْفُ، وَحَقِيقَةُ الْحِيَازَةِ رَفْعُ يَدِ الْوَاقِفِ عَنْ الْوَقْفِ وَتَمْكِينِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الذَّاتِ الْمَوْقُوفَةِ بِمَا يَجُوزُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوْ التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الشَّيْءِ الْمَوْقُوفِ وَبَيْنِ النَّاسِ فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ وَالطَّاحُونِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَجْنَبِيًّا أَوْ وَلَدًا كَبِيرًا وَلَوْ سَفِيهًا بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ اعْتِبَارِ حِيَازَتِهِ.

(تَنْبِيهٌ) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَا تَثْبُتُ بِهِ الْحِيَازَةُ وَفِيهِ خِلَافٌ، قِيلَ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ، وَقِيلَ يَكْفِي الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ.

قَالَ الْأُجْهُورِيُّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ: وَصِفَةُ الشَّهَادَةِ أَنْ يَقُولَ الْعَدْلُ عَايَنْته تَحْتَ يَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ لِلْوَاقِفِ، وَلَا يَكْفِي إقْرَارُ الْوَاقِفِ بِالْحَوْزِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ.

(وَلَوْ كَانَتْ) الدَّارُ أَوْ غَيْرُهَا (حُبُسًا عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ) أَوْ عَلَى يَتِيمٍ فِي وَصِيَّتِهِ (جَازَتْ حِيَازَتُهُ لَهُ) وَتَسْتَمِرُّ (إلَى أَنْ يَبْلُغَ) فَإِنْ بَلَغَ وَجَبَ أَنْ يَحُوزَ لِنَفْسِهِ وَلَوْ سَفِيهًا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ اعْتِبَارِ حِيَازَتِهِ وَهَذَا فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الذَّكَرِ، وَأَمَّا الْأُنْثَى فَيَسْتَمِرُّ الْوَلِيُّ حَائِزًا لَهَا وَلَوْ بَلَغَتْ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ وَتَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْحُرِّ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَيَحُوزُ لَهُ سَيِّدُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَاقِفُ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ.

وَأَشَارَ إلَى شُرُوطِ حِيَازَةِ الْوَلِيِّ لِلصَّغِيرِ بِقَوْلِهِ: (وَلْيُكْرِهَا لَهُ وَلَا يَسْكُنُهَا) إذَا كَانَتْ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ دَارَ سُكْنَى الْوَاقِفِ (فَإِنْ لَمْ يَدَعْ) الْوَاقِفُ أَيْ يَتْرُكْ (سُكْنَاهَا) بَلْ اسْتَمَرَّ سَاكِنًا فِيهَا كُلِّهَا أَوْ جُلِّهَا (حَتَّى مَاتَ) أَوْ فَلِسَ (بَطَلَتْ) وَقْفِيَّتُهَا وَتَرْجِعُ مِيرَاثًا، وَأَمَّا لَوْ سَكَنَ الْأَقَلُّ وَأَكْرَى لَهُ الْأَكْثَرُ لَصَحَّ الْوَقْفُ فِي جَمِيعِهَا، لِأَنَّ الْأَقَلَّ يَتْبَعُ الْأَكْثَرَ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ، وَأَمَّا لَوْ سَكَنَ النِّصْفُ وَأَكْرَى النِّصْفَ لَبَطَلَ فِيمَا سَكَنَ وَصَحَّ فِيمَا أَكْرَى، هَذَا حُكْمُ وَقْفِ دَارِ سُكْنَاهُ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ، وَأَمَّا لَوْ وَقَفَ دَارَ سُكْنَاهُ عَلَى كِبَارِ وَلَدِهِ وَسَكَنَ الْبَعْضَ فَلَا يَبْطُلُ إلَّا مَا سَكَنَ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ مِثْلُ الْوَقْفِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.

قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ حَبَسَ عَلَى صِغَارِ وَلَدِهِ دَارًا أَوْ وَهَبَهَا لَهُمْ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِمْ فَذَلِكَ حَائِزٌ وَحَوْزُهُ حَوْزٌ لَهُمْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ سَاكِنًا فِي كُلِّهَا أَوْ جُلِّهَا حَتَّى مَاتَ فَيَبْطُلُ جَمِيعُهَا وَتُوَرَّثُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ، وَأَمَّا الدَّارُ الْكَبِيرَةُ ذَاتُ الْمَسَاكِنِ يَسْكُنُ أَقَلَّهَا وَيُكْرِي لَهُمْ بَاقِيهَا فَذَلِكَ نَافِذٌ فِيمَا سَكَنَ وَفِيمَا يَسْكُنُ، وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ حِيَازَةِ الْوَلِيِّ لِلصَّغِيرِ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَشْهَدَ الْوَاقِفُ عَلَى وَقْفِهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ، وَأَنْ تَكُونَ الْبَيِّنَةُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015