فَوْقِ الْخُفِّ مِنْ طَرَفِ الْأَصَابِعِ وَيَدَهُ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِ ذَلِكَ، ثُمَّ يَذْهَبَ بِيَدَيْهِ إلَى حَدِّ الْكَعْبَيْنِ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ بِالْيُسْرَى وَيَجْعَلُ يَدَهُ الْيُسْرَى مِنْ فَوْقِهَا وَالْيُمْنَى مِنْ أَسْفَلِهَا

وَلَا يَمْسَحُ عَلَى طِينٍ فِي أَسْفَلِ خُفِّهِ أَوْ رَوْثِ دَابَّةٍ حَتَّى يُزِيلَهُ بِمَسْحٍ أَوْ غَسْلٍ

وَقِيلَ يَبْدَأُ فِي مَسْحِ أَسْفَلِهِ مِنْ الْكَعْبَيْنِ إلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ لِئَلَّا يَصِلَ إلَى عَقِبِ خُفِّهِ شَيْءٌ مِنْ رُطُوبَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ الْحَدَثُ الْأَكْبَرُ وَالْأَصْغَرُ بِحَيْثُ (تَحِلُّ بِهِ الصَّلَاةُ) وَتَعْبِيرُهُ بِالْغُسْلِ يُؤْخَذُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ لُبْسِهِمَا عَلَى طَهَارَةٍ وَكَوْنِهَا مَائِيَّةً، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: تَحِلُّ بِهِ الصَّلَاةُ أَنَّهُ لَبِسَهُمَا بَعْدَ كَمَالِهِمَا، وَزِيدَ رَابِعٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ عَاصِيًا بِلُبْسِهِ كَالْمُحْرِمِ الَّذِي لَمْ يَضْطَرَّ، وَخَامِسٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لُبْسُهُمَا لِضَرُورَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ خَوْفِ عَقَارِبَ أَوْ لِدَفْعِ مَشَقَّةِ النَّزْعِ عِنْدَ الْوُضُوءِ أَوْ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ لِعَادَةٍ كَكَوْنِهِ مِنْ الْجُنْدِ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ نَحْوِ الْقُضَاةِ لَا إنْ لَبِسَهُمَا لِلتَّرَفُّهِ وَالْعَظَمَةِ أَوْ فَعَلَ فِي رِجْلَيْهِ حِنَّاءَ مَثَلًا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَبِسَهُ لِيَمْسَحَ لِئَلَّا تَزُولَ بِالْغَسْلِ فَلَا يَمْسَحُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشُّرُوطَ أَحَدَ عَشَرَ، خَمْسَةٌ فِي الْمَاسِحِ وَقَدْ عَلِمْتهَا وَأَشَارَ لَهَا خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: بِطَهَارَةِ مَاءٍ كَمَّلْت بِلَا تَرَفُّهٍ وَعِصْيَانٍ بِلُبْسِهِ أَوْ سَفَرٍ عَلَى مُسَامَحَةٍ فِي السَّفَرِ، وَسِتَّةٌ فِي الْمَمْسُوحِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ جِلْدًا طَاهِرًا مَخْرُوزًا سَاتِرًا لِمَحَلِّ الْفَرْضِ فَلَوْ نَقَصَ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَخْرُوقًا قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ لَا أَقَلَّ إنْ الْتَصَقَ وَأَنْ يُمْكِنَ تَتَابُعُ الْمَشْيِ بِهِ، وَالسَّادِسُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْخُفِّ حَائِلٌ فَإِنْ مَسَحَ فَوْقَ الْحَائِلِ كَانَ كَمَنْ تَرَكَ مَسْحَهُ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ بِأَعْلَاهُ وَيُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ إنْ كَانَ بِأَسْفَلِهِ. (فَهَذَا) الَّذِي أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفَّيْنِ الْمَوْصُوفَيْنِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ هُوَ (الَّذِي إذَا أَحْدَثَ) بَعْدَ تِلْكَ الطَّهَارَةِ حَدَثًا أَصْغَرَ (وَتَوَضَّأَ مَسَحَ عَلَيْهِمَا) وَمَعْنَى تَوَضَّأَ أَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ أَدْخَلَهُمَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ أَوْ عَلَى طَهَارَةٍ تُرَابِيَّةٍ أَوْ مَائِيَّةٍ نَاقِصَةٍ بِأَنْ لَبِسَهُمَا بَعْدَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ مُنَكِّسًا أَوْ كَانَ مُتَرَفِّهًا بِلُبْسِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْخُفُّ جِلْدًا (فَلَا) يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا إذَا أَرَادَ الْوُضُوءَ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي صِفَةِ الْمَسْحِ فَقَالَ: (وَصِفَةُ الْمَسْحِ) عَلَى الْخُفَّيْنِ الْكَامِلَةُ (أَنْ يَجْعَلَ) الْمَاسِحُ (يَدَهُ الْيُمْنَى) حَالَ الْمَسْحِ عَلَى ظَهْرِ رِجْله الْيُمْنَى (مِنْ فَوْقِ الْخُفِّ) مُبْتَدِئًا (مِنْ طَرَفِ) بِتَحْرِيكِ الرَّاءِ (الْأَصَابِعِ) مِنْ رِجْلِهِ الْيُمْنَى (وَ) يَجْعَلُ (يَدَهُ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِ ذَلِكَ) الْمَوْضِعِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ (يَذْهَبُ) أَيْ يَمُرُّ (بِيَدَيْهِ) مَاسِحًا (إلَى حَدِّ) أَيْ مُنْتَهَى (الْكَعْبَيْنِ) أَيْ النَّاتِئَيْنِ بِطَرَفِ السَّاقَيْنِ وَيُدْخِلُهُمَا فِي الْمَسْحِ كَمَا يُدْخِلُهُمَا فِي غَسْلِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْمَسْحَ بَدَلٌ عَنْ الْغَسْلِ، وَيُكْرَهُ تَتَبُّعُ غُضُونِهِ وَهِيَ تَجْعِيدَاتِهِ لِأَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَيَكُونُ الْمَسْحُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَا يُكَرِّرُهُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَكُرِهَ غَسْلُهُ وَتَكْرَارُهُ وَتَتَبُّعُ غُضُونِهِ. (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ بِ) رِجْلِهِ (الْيُسْرَى) مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْيُمْنَى مِنْ الْبُدَاءَةِ مِنْ طَرَفِ الْأَصَابِعِ وَالْمُرُورِ بِالْيَدَيْنِ إلَى آخِرِ الْكَعْبَيْنِ.

(وَ) لَكِنْ هُنَا (يَجْعَلُ يَدَهُ الْيُسْرَى مِنْ فَوْقِهَا وَ) يَجْعَلُ (الْيُمْنَى مِنْ أَسْفَلِهَا) عَكْسُ وَضْعِهِمَا عِنْدَ مَسْحِ الْيُمْنَى لِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَهَذَا قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَقَالَ ابْنُ شَبْلُونَ: الْوَضْعُ فِي مَسْحِ الْيُسْرَى كَالْوَضْعِ فِي مَسْحِ الْيُمْنَى عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَصَدَّرَ بِهِ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: وَوَضَعَ يُمْنَاهُ عَلَى طَرَفِ أَصَابِعِهِ وَيُسْرَاهُ تَحْتَهَا وَيُمِرُّهُمَا لِكَعْبَيْهِ، وَهَلْ الْيُسْرَى كَذَلِكَ أَوْ الْيُسْرَى فَوْقَهَا تَأْوِيلَانِ.

1 -

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ طَلَبِ الْجَمْعِ بَيْنَ مَسْحِ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَقْوَالٍ: مَشْهُورُهَا يَجِبُ مَسْحُ الْأَعْلَى وَيُسْتَحَبُّ مَسْحُ الْأَسْفَلِ، وَقِيلَ: مَسْحُ الْأَسْفَلِ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ لِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَبَطَلَتْ إنْ تَرَكَ أَعْلَاهُ لَا أَسْفَلَهُ فَفِي الْوَقْتِ وَتَرْكُ الْبَعْضِ كَتَرْكِ الْكُلِّ

1 -

الثَّانِي: إذَا جَفَّتْ يَدُهُ فِي حَالِ الْمَسْحِ فِي أَثْنَاءِ الرِّجْلِ كَمَا مَسَحَهَا بِغَيْرِ تَجْدِيدٍ وَجَدَّدَ لِلرِّجْلِ الْأُخْرَى، وَلَيْسَ مَسْحُ الْخُفَّيْنِ كَمَسْحِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ فِي وُجُوبِ التَّجْدِيدِ لَهُ وَلَوْ جَفَتْ يَدُهُ فِي أَثْنَائِهِ، لِأَنَّ الرَّأْسَ هُوَ الْمُطَهَّرُ فَيَحَبُّ أَنْ يُجَدِّدَ لَهُ الْمَاءَ، بِخِلَافِ الْخُفِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمُطَهَّرَ وَإِنَّمَا الْمُطَهَّرُ الرِّجْلُ فَلَا مَعْنَى لِإِيصَالِ الْمَاءِ إلَى مَحَلٍّ لَا يَتَطَهَّرُ، وَإِنَّمَا طَلَبَ الشَّارِعُ نَقْلَ الْمَاءِ إلَيْهِ أَوْ أَنَّ تَجْدِيدَ الْمَاءِ لِلْخُفِّ يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِهِ وَإِضَاعَةُ الْمَالِ مَنْهِيُّ عَنْهَا.

الثَّالِثُ: قَالَ الْجُزُولِيُّ: يُطْلَبُ مِنْ الْمَاسِحِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ مَسْحِ يُمْنَاهُ غَسْلُ يَدِهِ الْيُسْرَى الَّتِي مَسَحَ بِهَا أَسْفَلَ خُفِّهِ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا مَا يُنَجِّسُ خُفَّ الْيُسْرَى

وَلَمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الشُّرُوطِ عَدَمُ الْحَائِلِ قَالَ: (وَلَا) يَجُوزُ أَنْ (يَمْسَحَ عَلَى طِينٍ فِي أَسْفَلِ) أَوْ أَعْلَى (خُفِّهِ أَوْ) أَيْ وَلَا عَلَى (رَوْثِ دَابَّةٍ) كَالْفَرَسِ وَالْحِمَارِ (حَتَّى يُزِيلَهُ بِمَسْحٍ) وَلَوْ بِطِينٍ أَوْ خِرْقَةٍ تُزِيلُ الْعَيْنَ. (أَوْ غَسْلٍ) لِيَقَعَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ الطَّاهِرِ، وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ هُنَا بِالْمَسْحِ الْمُزِيلِ لِلْعَيْنِ رِفْقًا بِصَاحِبِ الْخُفِّ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُعْفَى عَنْهُ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ.

قَالَ خَلِيلٌ فِي الْمَعْفُوَّاتِ: وَخُفٌّ وَنَعْلٌ مِنْ رَوْثِ دَوَابَّ وَبَوْلِهَا إنْ دَلْكًا لَا غَيْرَهُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ حَيْثُ كَانَ الْمَحَلُّ تَكْثُرُ فِيهِ الدَّوَابُّ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ غَيْرَ الطِّينِ وَالرَّوْثِ الْمَذْكُورِ كَبَوْلٍ أَوْ عُذْرَةِ الْآدَمِيِّ لَا يَكْفِي فِيهِ الْمَسْحُ، بَلْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ غَسْلِهِ بِالْمَاءِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015