بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد مدار سعادة الدنيا والدين والسراج المنير لهداية العالمين الى الحق المبين وان تأسس قواعد الإسلام واستنباط الحلال والحرام انما هو على تفسيره وتأويله وبيان اجماله وتفصيله وان علماء الامة الأعلام عليهم رحمة الملك العلام قد كتبوا ودونوا في هذا الشان حسب طاقة الإنسان تصانيف حميدة وتفاسير مقبولة مفيدة بين مطول ومختصر جزاهم الله عن الامة الجزاء الأوفر الا ان الناس قد قصروا جل هممهم على الدنيا ونسوا حظهم من الاخرى وأكثرهم نبذوا كتاب الله الى الوراء وتمسكوا بدلا عنه بآراء السفهاء وهذا لان بعض التفاسير مشحون باسرائيليات كلام الله منها براء والعقول السليمة عنها في مراء وإباء وان كان تفاسير المحققين المؤيدة بالنقل الصحيح والمؤولة بالفكر الصائب الرجيح جامعة لجل الاحكام الدينية والدنيوية كافلة لسعادتهم السرمدية ولكنها في غاية البسط والتبيين حتى بلغ مجلدات بعضها الى ستين او ثمانين.

لكن من التطويل كلت الهمم. فصار الاختصار فيه ملتزم وكان من بينها هذا التفسير المسمى ب" الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية" تأليف الكامل المكمل ذي الفيض الرباني والمتحقق بمقام الشهود الاحسانى الشيخ نعمة الله النخجوانى تفسيرا وجيزا للفظ والمبنى جزيل الفحوى والمعنى مع مزج بديع رائق وتلويح لطيف في تناسب الآيات وتلميح شريف الى الدقائق كاشفا عن حقائق الحكم والمعارف التي يعترف بها كل عاقل وعارف صفحاته جنات فهوم عالية قطوفها بسبب فيضها للقاصرين ايضا دانية لا تسمع فيها لاغية القصاص بل تحت كل فقرة منها عظة للعوام والخواص وحكمة لأرباب الاختصاص فبهذه الوجوه الباهرة فاق على التفاسير السائرة الا انه كان مطروحا في زاوية الامتهان قد نسجت عليه عناكب النسيان فالهم الله عبده الصالح البرسامى الهمة عالى القدر المستفيض من بحر فيض الأولياء حضرة ذي العطوفة الحاج (مختار) بك افندى رئيس دائرة نظارة الحربية الجليلة سابقا وشيخ الحرم النبوي لاحقا فنهضت همته العلية واستنهضت همم بعض النفوس الزكية نحو تجلية هذا العروس في منصة الطبع والتمثيل وتداوله في أيدي الإعزاز والتبجيل فلبوا اليه على قدم وساق فبذلوا المال في اقتناء نسخه من الآفاق ثم بذلوا النقد والوقت وفوضوا تصحيحه ومقابلته على عدة نسخ الى جمع من أفاضل العلماء الأعيان وكان ذلك الرئيس الهمام مختار اهل الفضل والعرفان واسطة عقدهم ورابطة مسلكهم ومن اجلاء هؤلاء الأماثل حضرة الأستاذ الأكرم ذي الفضل المحترم (الحافظ محمد) افندى الطرنوى احد أعضاء مجلس التدقيقات الشرعية ومدرس جامع السلطان محمد الفاتح والعالم الفاضل والمدقق الكامل الصالح التقى حضرة الأستاذ (الحاج محمد شكرى) افندى مفتى العساكر الشاهانية وحضرة العالم النحرير صاحب الفكر الصائب (إسماعيل صائب) من مدرس جامع السلطان با يزيد والعالم الفاضل المدقق (احمد رفعت) بن عثمان حلمي المصحح بدار الطباعة العثمانية والعالم الفاضل المدقق الكامل الحافظ (محمد خيرى) المدرس بجامع والده عتيق بمدينة الاسكدار. والعالم الفاضل الكامل (محمد كامل) القرة حصارى المدرس بجامع السلطان با يزيد شكر الله مسعاهم وبارك لهم في محياهم ومأواهم فجاء بحمد الله ولطيف كرمه كتابا مباركا وتفسيرا شريفا يتبختر في حلل الطبع الفاخرة ويجر زيل البهو على النجوم الزاهرة وذلك بالطبعة العثمانية الكائنة في دار الخلافة العلية صانها الله عن الآفات والبلية وكان ختام طبعه وادراك ينعه في أوائل شهر الله رجب المرجب من سنة (1326) ست وعشرين وثلاثمائة وألف من الهجرة المحمدية على صاحبها وآله ازكى الصلاة وآلاف من التحية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015