يصفو وَلَا عمل يزكو وَلَا أمل يحصل وَلَا رَاحَة يفوز بهَا وَلَا لَذَّة بَينهَا بهَا بل بل قد حيل بَينه وَبَين مسرته وفرحه وقرة عينه فَهُوَ يكدح فِي الدُّنْيَا كدح الْوَحْش وَلَا يظفر مِنْهُ بأمل وَلَا يتزود مِنْهَا لِمَعَاد وَالله سُبْحَانَهُ أَمر العَبْد بِأَمْر وَضمن لَهُ ضمانا فَإِن قَامَ بأَمْره بالنصح والصدق وَالْإِخْلَاص وَالِاجْتِهَاد قَامَ الله سُبْحَانَهُ لَهُ بِمَا ضمنه لَهُ من الرزق والكفاية والنصر وَقَضَاء الْحَوَائِج فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ ضمن الرزق لمن عَبده والنصر لمن توكل عَلَيْهِ واستنصر بِهِ والكفاية لمن كَانَ هُوَ همه وَمرَاده وَالْمَغْفِرَة لمن استغفره وَقَضَاء الْحَوَائِج لمن صَدَقَه فِي طلبَهَا ووثق بِهِ وَقَوي رجاؤه وطمعه فِي فَضله وجوده فالفطن الكيّس إِنَّمَا يهتم بأَمْره وإقامته وتوفيته لَا بضمانه فَإِنَّهُ الوفي الصَّادِق وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ الله فَمن عَلَامَات السَّعَادَة صرف اهتمامه إِلَى أَمر الله دون ضَمَانه وَمن عَلَامَات الحرمان فرَاغ قلبه من الاهتمام بأَمْره وحبه وخشيته والاهتمام بضمانه وَالله الْمُسْتَعَان

قَالَ بشر بن الْحَارِث أهل الْآخِرَة ثَلَاثَة عَابِد وزاهد وصِدِّيق فالعابد يعبد الله مَعَ العلائق والزاهد يعبده على ترك العلائق وَالصديق يعبده على الرِّضَا والموافقة إِن أرَاهُ أَخذ الدُّنْيَا أَخذهَا وَإِن أرَاهُ تَركهَا تَركهَا إِذا كَانَ الله وَرَسُوله فِي جَانب فاحذر أَن تكون فِي الْجَانِب الآخر فَإِن ذَلِك يُفْضِي إِلَى المشاقة والمحادّة وَهَذَا أَصْلهَا وَمِنْه اشتقاقها فَإِن المشاقة أَن يكون فِي شقّ وَمن يُخَالِفهُ فِي شقّ والمحادة ان يكون حد وَهُوَ فِي حد وَلَا تستسهل هَذَا فَإِن مبادئه تجر إِلَى غَايَته وقليله يَدْعُو إِلَى كَثِيره وَكن فِي الْجَانِب الَّذِي يكون فِيهِ الله وَرَسُوله وان كَانَ النَّاس كلهم فِي الْجَانِب الآخر فَإِن لذَلِك عواقب هِيَ أَحْمد العواقب وأفضلها وَلَيْسَ للْعَبد أَنْفَع من ذَلِك فِي دُنْيَاهُ قبل آخرته وَأكْثر الْخلق إِنَّمَا يكونُونَ من الْجَانِب الآخر ولاسيما إِذا قويت الرَّغْبَة والرهبة فهناك لَا تكَاد تَجِد أحدا فِي الْجَانِب الَّذِي فِيهِ الله وَرَسُوله بل يعدّه النَّاس نَاقص الْعقل سيء الِاخْتِيَار لنَفسِهِ وَرُبمَا نسبوه إِلَى الْجُنُون وَذَلِكَ من مَوَارِيث أَعدَاء الرُّسُل فَإِنَّهُم نسبوهم غلى الْجُنُون لما كَانُوا فِي شقّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015