الكتاب الأول: الصنعة والتصنيع

الفصل الأول: الصنعة في الشعر القديم

الشعر صناعة

...

الكتاب الأول: الصنعة والتصنيع

الفصل الأول: الصنعة في الشعر القديم

الشعر صعب وطويل سلمه ... إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه

زلت به إلى الحضيض قدمه ... يريد أن يعربه فيعجمه

الحطيئة

1- الشعر صناعة:

الشعر ليس عملًا سهلًا ساذجًا كما يعتقد كثير من الناس؛ بل هو عمل معقد غاية التعقيد، هو صناعة تجتمع لها في كل لغة طائفة من المصطلحات والتقاليد، ما يزال النقاد منذ أرسططاليس يحاولون أن يصفوها بما يقيمون عليها من مراصد ومقاييس، وقد يكون من الغريب أن نجعل الشعر صناعة، ولكنه الواقع، فكلمة شاعر عند اليونان القدماء معناها صانع1؛ ولذلك كنا نراهم يقرنون في أبحاثهم الشعر إلى الصناعات والفنون الجميلة من نحت وتصوير ورقص وموسيقى.

وكلمة شاعر عندنا في اللغة العربية تقترب من معناها في اليونانية، فالشاعر معناها العالم والشعر معناه العلم2، والعلم -كما هو معروف- يدخل في باب الصنائع. وتناثر في أشعار العرب القدماء؛ ما يدل على أنهم كانوا يحسنون بأن الشعر ضرب من الصناعات؛ فقد جعلوه كبرود العَصْب3 وكالحلل والمعاطف والديباج والوَشْي وأشباه ذلك4. فهو -في رأيهم- يشبه صناعة الثياب، فيه الملون وغير الملون، فيه الوشي وغير الوشي، بل إننا لنراهم يسمونه صناعة، فقد رَوَى الجاحظ أن عمر بن الخطاب قال: "خير صناعات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015