فصل إذا اعترض أحد الخصمين على الآخر بشيء يخالف أصله فله أن يرده بأصله , وله أن يرده بمعنى نظري أو فقهي , قال الله تعالى: سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فأخبر الله تعالى بقول

فَصْلٌ إِذَا اعْتَرَضَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ يُخَالِفُ أَصْلَهُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِأَصْلِهِ , وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِمَعْنًى نَظَرِيٍّ أَوْ فِقْهِيٍّ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142] فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِ السُّفَهَاءِ - وَهُوَ سُفَهَاءُ قُرَيْشٍ - وَقِيلَ: الْيَهُودُ وَأَنَّهُمْ سَأَلُوا عَنْ عِلَّةِ ذَلِكَ فَأَجَابَهُمْ بِمَا بَنَى عَلَيْهِ أَفْعَالَهُ مِنْ كَوْنِهِ مَالِكًا غَيْرَ مُمَلَّكٍ أَوْ غَيْرَ مَأْمُورٍ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ رَسْمٍ وَلَا حَدٍّ , وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ , لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ فِعْلِهِ مَنْ هُوَ تَحْتَ حَدٍّ أَوْ رَسْمٍ , فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: إِذَا كُنْتُ مَالِكَ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ أَتَصَرَّفُ فِي مُلْكِي فَمَا مَوْضِعُ الْمَسْأَلَةِ لَمْ نَفْلِتْ عَبِيدِي , وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ النَّظَرِيُّ رَدَّهُ بِأَصْلِهِ وَمُوجِبِ قَعِيدَةِ أَمْرِهِ , فَسَقَطَ السُّؤَالُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُبَيِّنَ لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ , ثُمَّ لِمَا ثَبَتَ ذَلِكَ أَجَابَ بِجَوَابٍ فِقْهِيٍّ عَنِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ وَقُلْ لَهُمْ أَيْضًا: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} [البقرة: 143] يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّمَا أَمَرْتُكَ أَنْ تُصَلِّيَ إِلَى الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ لِيُصَلُّوا مَعَكَ عَلَى مَا أَلِفُوهُ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ , ثُمَّ نَقَلْتُكَ إِلَى الْكَعْبَةِ لِتَعْلَمَ أَنْتَ , وَتُخْبِرَ مَنْ صَلَّى مَعَكَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ , تَبَعًا لَكَ وَطَاعَةً لِأَمْرِكَ وَقَبُولًا مِنْكَ , فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ مَعَكَ لِمَا الْتَزَمَهُ مِنَ الطَّاعَةِ , وَمَنْ صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ , لِكَوْنِهِ شَرِيعَةً لَهُ لَا لِطَاعَتِكَ ,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015