باب القول في الاحتجاج لصحيح القياس ولزوم العمل به قال الله سبحانه: يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم فنص الله تعالى على وجوب الجزاء من النعم في المقتول من الصيد , ولم ينص على ما يعتبر من

بَابُ الْقَوْلِ فِي الِاحْتِجَاجِ لَصَحِيحِ الْقِيَاسِ وَلُزُومِ الْعَمَلِ بِهِ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] فَنَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى وُجُوبِ الْجَزَاءِ مِنَ النَّعَمِ فِي الْمَقْتُولِ مِنَ الصَّيْدِ , وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ مِنَ الْمُمَاثَلَةِ , فَكَانَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنَ النَّعَمِ لَا اجْتِهَادَ فِيهِ , وَكَانَ الْمَرْجِعُ فِي الْوَجْهِ الَّذِي بِهِ يُعْلَمُ مُمَاثَلَتُهُ فِيهِ , لَا طَرِيقَ لَهُ غَيْرُ الِاجْتِهَادِ وَالِاعْتِبَارِ وَكَذَلِكَ لَمَّا أَمَرَ بِرَدِّ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ , لَمْ يَنُصَّ عَلَى مَا تُعْتَبَرُ بِهِ عَدَالَتُهُ , وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَنْفَكُّ مِنَ الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنَ الطَّاعَاتِ , وَلَا يَعْتَصِمُ أَحَدٌ مِنْ أَنْ يُمْتَحَنَ بِبَعْضِ الْمَعَاصِي فَلَمْ يَكُنْ لِمَعْرِفَتِنَا الْعَدْلَ مِنَ الْفَاسِقِ طَرِيقٌ غَيْرُ مُوَازَنَةِ أَحْوَالِهِ وَتَرْجِيحِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ , فَإِنْ رَجُحَتْ مَعَاصِيهِ صَارَ بِذَلِكَ فَاسِقًا , وَإِنْ رَجُحَتْ طَاعَاتُهُ صَارَ بِذَلِكَ عَدْلًا وَفِي مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ , وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون: 103] فَجَعَلَ الْحُكْمَ لِلْأَرْجَحِ مِنَ الطَّاعَاتِ أَوِ الْمَعَاصِي , فَكَذَلِكَ مَعْرِفَةُ الْعَدَالَةِ وَالْفِسْقِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015