وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ: لَا مَعْنَى لَهُ، وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُشَاوِرَهُمْ فِي أَنَّ فَرْضَ الظُّهْرِ أَرْبَعُ (رَكَعَاتٍ) وَلَا فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَلَا فِي سَائِرِ مَا فِيهِ النُّصُوصُ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّهُ يَكُونُ تَطْيِيبًا لِنُفُوسِهِمْ (فَلَغْوٌ سَاقِطٌ، لِأَنَّهُمْ إذَا عَلِمُوا) أَنَّهُ شَاوَرَهُمْ فِي الْمَنْصُوصِ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ، عَلِمُوا أَنَّهُ لَا فَضِيلَةَ لَهُمْ فِيهِ، وَلَا فَائِدَةَ، ثَبَتَ الْوَجْهُ الثَّانِي.

وَأَيْضًا: فَقَدْ شَاوَرَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَصْحَابَهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ، مِنْ أَمْرِ الْحُرُوبِ وَغَيْرِهَا، أَلَا تَرَى: «أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ النُّزُولَ دُونَ بَدْرٍ قَالَ لَهُ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَرَأْيٌ رَأَيْته يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ أَمْ وَحْيٌ؟ فَقَالَ: بَلْ رَأْيٌ رَأَيْته. فَقَالَ: إنِّي أَرَى أَنْ تَنْزِلَ عَلَى الْمَاءِ فَفَعَلَ» «وَشَاوَرَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، فِي أَسَارَى بَدْرٍ» . «وَرَأَى أَنْ يُعْطِيَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْخَنْدَقِ نِصْفَ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ، فَكَتَبَ الْكِتَابَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُشْهِدَ فِيهِ وَحَضَرَ الْأَنْصَارُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأْيٌ رَأَيْته؟ أَمْ وَحْيٌ؟ فَقَالَ: بَلْ رَأْيِي. فَقَالُوا: فَإِنَّا لَا نُعْطِيهِمْ شَيْئًا. وَكَانُوا لَا يَطْمَعُونَ فِيهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهَا ثَمَرَةً إلَّا قِرًى، أَوْ مُشْرًى، فَكَيْفَ وَقَدْ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ» ؟ «وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَرَأَيْت لَوْ تَمَضْمَضْت بِمَاءٍ أَكَانَ يُفْطِرُك؟ فَكَذَلِكَ الْقُبْلَةُ»

«وَقَالَ لِلْخَثْعَمِيَّةِ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيك دَيْنٌ فَتَقْضِيَنه أَكَانَ يُجْزِي؟ قَالَتْ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015