مِنْهُ لُغَةً وَلَا عُرْفًا فَجَمِيعُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَهَذِهِ الْأَبْوَابِ الَّتِي سَرَدْتهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعَوَائِدِ غَيْرَ مَسْأَلَةِ الثِّمَارِ الْمُؤَبَّرَةِ بِسَبَبِ أَنَّ مُدْرِكَهَا النَّصُّ وَالْقِيَاسُ وَمَا عَدَاهَا مُدْرِكَةُ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، فَإِذَا تَغَيَّرَتْ الْعَادَةُ أَوْ بَطَلَتْ بَطَلَتْ هَذِهِ الْفَتَاوَى وَحَرُمَتْ الْفَتْوَى بِهَا لِعَدَمِ مُدْرِكِهَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، بَلْ تَتْبَعُ الْفَتَاوَى هَذِهِ الْعَوَائِدَ كَيْفَمَا تَقَلَّبَتْ كَمَا تَتْبَعُ النُّقُودَ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَحِينٍ وَتَعْيِينُ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إذَا سَكَتَ عَنْهَا فَتَنْصَرِفُ بِالْعَادَةِ لِلْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهَا عَادَةً لِعَدَمِ اللُّغَةِ فِي الْبَابَيْنِ وَكُلُّ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعَقْدِ وَاقْتَضَتْهُ اللُّغَةُ فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعَوَائِدِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْعُرْفَ اقْتَضَاهُ فَهَذَا تَلْخِيصُ هَذَا الْفَرْقِ، وَقَدْ اشْتَمَلَ عَلَى سِتَّةِ أَلْفَاظٍ لَفْظِ الشَّرِكَةِ وَلَفْظِ الْأَرْضِ وَلَفْظِ الْبِنَاءِ وَلَفْظِ الدَّارِ وَلَفْظِ الْمُرَابَحَةِ وَلَفْظِ الثِّمَارِ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا حَكَمَتْ فِيهَا الْعَوَائِدُ

ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهَا دُونَ الْمَدْفُونَةِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ مَلَكَ ظَاهِرَ الْأَرْضِ مَلَكَ بَاطِنَهَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَنْدَرِجُ فِي الْأَرْضِ الْبِنَاءُ الْكَثِيرُ وَلَا الْغَرْسُ، وَعِنْدَنَا يَنْدَرِجُ الْمَعْدِنُ فِي لَفْظِ الْأَرْضِ دُونَ الْكَنْزِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ مِنْ الْأَجْزَاءِ، فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَنْدَرِجُ فِي الْأَرْضِ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ)

لَفْظُ الْبِنَاءِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ إذَا بَاعَ الْبِنَاءَ يَنْدَرِجُ فِيهِ عِنْدَنَا الْأَرْضُ (الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ)

لَفْظُ الدَّارِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ يَنْدَرِجُ فِي لَفْظِ الدَّارِ عِنْدَنَا الْخَشَبُ الْمُسَمَّرُ وَالتَّوَابِيتُ وَمَرَافِقُ الْبِنَاءِ كَالْأَبْوَابِ وَالرُّفُوفِ وَالسُّلَّمِ الْمُثَبَّتِ دُونَ الْمَنْقُولَاتِ، وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَنْدَرِجُ فِي لَفْظِ الدَّارِ الْأَبْوَابُ وَالْخَوَابِي الْمَدْفُونَةُ وَالرُّفُوفُ الْمُسَمَّرَةُ وَمَا هُوَ مِنْ مَصَالِحِهَا دُونَ الْحَجَرِ الْمَدْفُونِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَدِيعَةِ وَتَنْدَرِجُ الْحِجَارَةُ الْمَخْلُوقَةُ فِيهَا وَالْمَعْدِنُ دُونَ الْكَنْزِ (الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ)

لَفْظُ الْمُرَابَحَةِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ لَفْظُ الْمُرَابَحَةِ عِنْدَنَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ صَنْعَةٍ قَائِمَةٍ كَالصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْكِمَادِ وَالطَّرْزِ وَالْفَتْلِ وَالْغُسْلِ يُحْسَبُ وَيُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ إذَا لَمْ يَتَوَلَّ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا لَمْ يُحْسَبْ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ وَصَفَ ثَمَنًا عَلَى سِلْعَةٍ بِاجْتِهَادِهِ وَمَا لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَلَا يُسَمَّى السِّلْعَةُ ذَاتًا وَلَا سَوْمًا لَا يُحْسَبُ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يُقَابَلُ بِشَيْءٍ فَهَذِهِ الْأَحْكَامُ عِنْدَنَا تَتْبَعُ قَوْلَهُ بِعْتُك هَذِهِ السِّلْعَةَ مُرَابَحَةً لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَةَ أَوْ بِوَضِيعَةٍ لِلْعَشَرَةِ أَوْ عَشَرَةٍ يَقُولُ لِلْعَشَرَةِ عَشَرَةٌ وَضِيعَةً أَوْ مُرَابَحَةً فَإِذَا قَالَ لِلْعَشَرَةِ اثْنَا عَشَرَ كَانَ مَعْنَاهُ فِي الْوَضِيعَةِ يَنْقُصُ السُّدُسُ وَفِي الْمُرَابَحَةِ يَزِيدُ السُّدُسُ؛ لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ سُدُسٌ اثْنَيْ عَشَرَ، وَإِذَا قَالَ لِلْعَشَرَةِ عَشَرَةٌ كَانَ مَعْنَاهُ يُضَافُ لِلْعَشَرَةِ عَشَرَةٌ، فَيَكُونُ الزِّيَادَةُ أَوْ النُّقْصَانُ النِّصْفَ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ عَشَرَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ مُحَالٌ قَالَ الْأَصْلُ، وَهَذَا الْكَلَامُ مَعَ بَقِيَّةِ تَفَارِيعِ هَذَا الْبَابِ كُلُّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعَوَائِدِ أَيْ الْقَدِيمِ وَإِلَّا فَمِنْ أَيْنَ لَنَا مَا يُحْسَبُ وَيُحْسَبُ رِبْحُهُ وَعَكْسُهُ، وَلَوْلَا الْعَوَائِدُ الْقَدِيمَةُ لَكَانَ هَذَا تَحَكُّمًا صِرْفًا وَبَيْعُ الْمَجْهُولِ وَالْغَرَرِ فِي الثَّمَنِ غَيْرُ جَائِزٍ إجْمَاعًا فَلِذَا لَوْ أُطْلِقَ هَذَا اللَّفْظُ فِي زَمَانِنَا لَمْ يَصِحَّ بِهِ بَيْعٌ لِعَدَمِ فَهْمِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ لُغَةً وَلَا عُرْفًا (الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ)

لَفْظُ الشَّجَرِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ لَفْظُ الشَّجَرِ تَتْبَعُهُ الْأَرْضُ وَاسْتِحْقَاقُ الْبِنَاءِ مَغْرُوسًا وَالثَّمَرَةُ غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ دُونَ الْمُؤَبَّرَةِ، وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا تَنْدَرِجُ الْأَرْضُ فِي لَفْظِ الشَّجَرِ وَوَافَقَنَا الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الثِّمَارِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هِيَ لِلْبَائِعِ مُطْلَقًا وَفِي الْمُوَطَّإِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ» وَمَفْهُومُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ تُؤَبَّرْ لِلْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّمَا جَعَلَهَا لِلْبَائِعِ بِشَرْطِ الْإِبَارِ فَإِذَا انْتَفَى الشَّرْطُ انْتَفَى الْمَشْرُوطُ

فَالْأَوَّلُ مَفْهُومُ الصِّفَةِ وَالثَّانِي مَفْهُومُ الشَّرْطِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ لَا يَرَوْنَ الْمَفْهُومَ حُجَّةً فَلَا يُحْتَجُّ عَلَيْهِمْ بِهِ، بَلْ نَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ أَوَّلًا بِقِيَاسِ الثَّمَرَةِ عَلَى الْجَنِينِ إذَا خَرَجَ لَمْ يَتْبَعْ وَإِلَّا اتَّبَعَ

وَثَانِيًا بِقِيَاسِ الثَّمَرَةِ عَلَى اللَّبَنِ قَبْلَ الْحِلَابِ فَإِنَّ اسْتِتَارَ الثِّمَارِ فِي الْأَكْمَامِ كَاسْتِتَارِ الْأَجِنَّةِ فِي الْأَرْحَامِ وَاللَّبَنِ فِي الضُّرُوعِ

وَثَالِثًا بِقِيَاسِ الثَّمَرَةِ عَلَى الْأَغْصَانِ وَالْوَرَقِ وَنَوَى التَّمْرِ فَهَذِهِ الْأَقْيِسَةُ أَقْوَى مِنْ قِيَاسِهِمْ بِكَثِيرٍ لِقُوَّةِ جَامِعِهَا، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ عَلَى الْمُؤَبَّرَةِ فَفَارِقُهُ ظَاهِرٌ وَجَامِعُهُ ضَعِيفٌ وَفِي بِدَايَةِ الْحَفِيدِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ مَنْ بَاعَ نَخْلًا فِيهَا ثَمَرٌ قَبْلَ أَنْ يُؤَبَّرَ فَإِنَّ الثَّمَرَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِذَا كَانَ الْبَيْعُ بَعْدَ الْإِبَارِ فَالثَّمَرُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ إلَّا وَالثِّمَارُ كُلُّهَا فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي مَعْنَى النَّخِيلِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ هِيَ لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْإِبَارِ وَبَعْدَهُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى سَوَاءٌ أُبِّرَ أَوْ لَمْ يُؤَبَّرْ إذَا بِيعَ الْأَصْلُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرَطَهَا أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ مُعَارَضَةُ دَلِيلِ الْخِطَابِ لِدَلِيلِ مَفْهُومِ الْأُخْرَى وَالْأَوْلَى وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى فَحْوَى الْخِطَابِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ» إلَخْ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ لَمَّا حَكَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالثَّمَرِ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْإِبَارِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015