يُوزَنُ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعَوَائِدُ فَعَادَةُ الْبَلَدِ فَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْوَجْهَيْنِ خُيِّرَ فِيهِمَا وَوَافَقَنَا أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا كَانَ يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ بِالْحِجَازِ اُعْتُبِرَ بِتِلْكَ الْحَالَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ» فَذَكَرَ أَحَدَ الْبَلَدَيْنِ تَنْبِيهًا عَلَى الْآخَرِ لِيَرُدَّ الْبِلَادَ إلَيْهِمَا وَمَا تَعَذَّرَ كَيْلُهُ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْوَزْنُ وَإِنْ أَمْكَنَ الْوَجْهَانِ أُلْحِقَ بِمُشَابِهِهِ فِي الْحِجَازِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ فَإِنْ شَابَهُ أَمْرَيْنِ نُظِرَ إلَى الْأَغْلَبِ فَإِنْ اسْتَوَيَا قِيلَ يُغَلَّبُ الْوَزْنُ؛ لِأَنَّهُ أَحْصَرُ، وَقِيلَ يَجُوزُ الْوَجْهَانِ نَظَرًا لِلتَّسَاوِي، وَقِيلَ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ لِتَعَذُّرِ التَّرْجِيحِ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَنَا أَنَّ لَفْظَ الشَّرْعِ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ حَكَمَتْ فِيهِ الْعَوَائِدُ كَالْأَيْمَانِ وَالْوَصَايَا وَغَيْرِهَا فَهَذَا تَلْخِيصُ الْفَرْقِ وَبِاعْتِبَارِهِ يَظْهَرُ بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ جَوَّزَ بَيْعَ الْقَمْحِ بِالدَّقِيقِ وَزْنًا فَإِنَّ عَادَةَ الْقَمْحِ الْكَيْلُ فَاعْتِبَارُ التَّمَاثُلِ فِيهِ بِالْوَزْنِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، بَلْ ذَلِكَ سَبَبُ الرِّبَا فَإِنَّ الْقَمْحَ الرَّزِينَ يَقِلُّ كَيْلُهُ وَيَكْثُرُ وَزْنُهُ وَالْخَفِيفُ بِالْعَكْسِ، وَقِسْ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بَقِيَّةَ فُرُوعِهَا وَلَا تَخْرُجْ عَنْهَا.

(الْفَرْقُ الثَّالِثُ وَالتِّسْعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَجْهُولِ وَقَاعِدَةِ الْغَرَرِ) اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ يَتَوَسَّعُونَ فِي هَاتَيْنِ الْعِبَارَتَيْنِ فَيَسْتَعْمِلُونَ إحْدَاهُمَا مَوْضِعَ الْأُخْرَى وَأَصْلُ الْغَرَرِ هُوَ الَّذِي لَا يُدْرَى هَلْ يَحْصُلُ أَمْ لَا كَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ.

وَأَمَّا مَا عُلِمَ حُصُولُهُ وَجُهِلَتْ صِفَتُهُ فَهُوَ الْمَجْهُولُ كَبَيْعِهِ مَا فِي كُمِّهِ فَهُوَ يَحْصُلُ قَطْعًا لَكِنْ لَا يُدْرَى أَيُّ شَيْءٍ هُوَ فَالْغَرَرُ وَالْمَجْهُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعَمُّ مِنْ الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ وَأَخَصُّ مِنْ وَجْهٍ فَيُوجَدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ الْآخَرِ وَبِدُونِهِ أَمَّا وُجُودُ الْغَرَرِ بِدُونِ الْجَهَالَةِ فَكَشِرَاءِ الْعَبْدِ الْآبِقِ الْمَعْلُومِ قَبْلَ الْإِبَاقِ لَا جَهَالَةَ فِيهِ وَهُوَ غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يَحْصُلُ أَمْ لَا، وَالْجَهَالَةُ بِدُونِ الْغَرَرِ كَشِرَاءِ حَجَرٍ يَرَاهُ لَا يَدْرِي أَزُجَاجٌ هُوَ أَمْ يَاقُوتٌ مُشَاهَدَتُهُ تَقْتَضِي الْقَطْعَ بِحُصُولِهِ فَلَا غَرَرَ، وَعَدَمُ مَعْرِفَتِهِ تَقْتَضِي الْجَهَالَةَ بِهِ.

وَأَمَّا اجْتِمَاعُ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ فَكَالْعَبْدِ الْآبِقِ الْمَجْهُولِ الصِّفَةِ قَبْلَ الْإِبَاقِ، ثُمَّ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ يَقَعَانِ فِي سَبْعَةِ أَشْيَاءَ فِي الْوُجُودِ كَالْآبِقِ قَبْلَ الْإِبَاقِ، وَالْحُصُولُ إنْ عُلِمَ الْوُجُودُ كَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَفِي الْجِنْسِ كَسِلْعَةٍ لَمْ يُسَمِّهَا وَفِي النَّوْعِ كَعَبْدٍ لَمْ يُسَمِّهِ وَفِي الْمِقْدَارِ كَالْبَيْعِ إلَى مَبْلَغِ رَمْيِ الْحَصَاةِ وَفِي التَّعْيِينِ كَثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَفِي الْبَقَاءِ كَالثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَهَذِهِ سَبْعَةُ مَوَارِدَ لِلْغُرُورِ وَالْجَهَالَةِ، ثُمَّ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ كَثِيرٌ مُمْتَنِعٌ إجْمَاعًا كَالطَّيْرِ

ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQاسْتَرْجَعَ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ أُخْرَى بِغَيْرِ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ الَّتِي سَلَفَ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الزِّيَادَةُ فِي السَّلَفِ وَلِذَلِكَ جَوَّزْنَا التَّفَاضُلَ بَيْنَ التَّمْرِ الْعَرَبِيِّ وَالتَّمْرِ الْهِنْدِيِّ أَيْ الْمَعْرُوفِ الْآنَ بِالْجَمْرِ وَبَيْنَ الْجَوْزِ الْهِنْدِيِّ وَاَلَّذِي لَيْسَ بِهِنْدِيٍّ وَفَرَّعَ عَلَى هَذَا ثَلَاثَةَ مَطَالِبَ

(الْمَطْلَبُ الْأَوَّلُ) إنَّ اخْتِلَافَ الْمَنَافِعِ فِي الْجِنْسِ يَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ

(أَحَدُهُمَا) أَنْ تَخْتَلِفَ لِلصِّغَرِ وَالْكِبَرِ

(وَالثَّانِي) أَنْ تَخْتَلِفَ لِلتَّنَاهِي فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَعَدَمِ التَّنَاهِي فَأَمَّا الصِّغَرُ وَالْكِبَرُ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ جِنْسِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ كَبَنِي آدَمَ أَوْ يَكُونُ مِمَّا لَا تَصِحُّ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَوَّلِ فَفِي الْوَاضِحَةِ أَنَّ الرَّقِيقَ صِنْفٌ وَاحِدٌ ذُكُورُهُ وَإِنَاثُهُ صِغَارُهُ وَكِبَارُهُ عَجَمِيَّةٌ وَعَرَبِيَّةٌ قَالَ الْبَاجِيَّ وَالْقِيَاسُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ صَغِيرُهُ جِنْسًا مُخَالِفًا لِكَبِيرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا الْجِنْسُ مِنْ التِّجَارَةِ وَالصَّنَائِعِ لَا تَصِحُّ مِنْ الصَّغِيرِ

(وَإِنْ كَانَ مِنْ الثَّانِي) أَيْ مِمَّا لَا تَصِحُّ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْأَكْلُ أَوْ مِمَّا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْأَكْلُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْأَكْلُ كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ كَانَ صِغَارُهَا جِنْسًا مُخَالِفًا لِكِبَارِهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ كِبَارِهَا غَيْرُ الْمَقْصُودِ مِنْ صِغَارِهَا وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُقْصَدُ مِنْهُ الْأَكْلُ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالطَّيْرِ كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ

(الْقِسْمُ الْأَوَّلُ) أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ أَيْ قَصْدِ الْأَكْلِ عَمَلٌ مَقْصُودٌ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِي أَنَّ صِغَارَهُ مُخَالِفٌ لِكِبَارِهِ

(وَالْقِسْمُ الثَّانِي) أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ عَمَلٌ مَقْصُودٌ وَلَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِي أَنَّ صِغَارَهُ مِنْ جِنْسِ كِبَارِهِ كَالْحَجَلِ وَالْيَمَامِ

(وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ) أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ عَمَلٌ مَقْصُودٌ، وَلَكِنْ يَكُونُ مَعَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ مِنْ لُبْسٍ وَنَحْوِهِ كَالْغَنَمِ وَفِي هَذَا رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَيْنِ

(إحْدَاهُمَا) لَا يَخْتَلِفُ جِنْسُهَا فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الْحَيَوَانِ الْأَكْلُ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ صِغَارُهُ وَكِبَارُهُ

(وَالثَّانِيَةُ) يَخْتَلِفُ جِنْسُهَا بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ كِبَارِ الْغَنَمِ الدَّرُّ وَالنَّسْلُ وَهُوَ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ كَالْعَمَلِ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَكَذَلِكَ الدَّجَاجُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كُلُّهَا صِنْفٌ ذُكُورُهَا وَإِنَاثُهَا، وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُسْلَمُ فِي بَعْضٍ إلَّا الدَّجَاجُ ذَاتُ الْبَيْضِ فَإِنَّهَا صِنْفٌ تُسْلَمُ الدَّجَاجَةُ الْبَيُوضُ أَوْ الَّتِي فِيهَا بَيْضٌ فِي الدِّيكَيْنِ

(الْمَطْلَبُ الثَّانِي) السِّنّ الَّذِي هُوَ حَدٌّ بَيْنَ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ أَنْ يَبْلُغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهَا الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْهَا وَفِيمَا تَصِحُّ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ كَالرَّقِيقِ إنْ فَرَّقْنَا بَيْنَ صِغَارِهِمْ وَكِبَارِهِمْ أَنْ يَبْلُغَ سِنَّ مَا يُطِيقُ التَّكَسُّبَ بِعَمَلِهِ أَوْ تِجَارَتِهِ وَذَلِكَ عِنْدَ الْبَاجِيَّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ سَنَةً وَنَحْوَهَا أَوْ الِاحْتِلَامُ وَفِي الْإِبِلِ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ لَا خَيْرَ فِي ابْنَتَيْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015