لِخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ» وَهَذَا الْمَعْنَى يَحْصُلُ بِذِكْرِ الْعَدَدِ كَيْفَ كَانَ لَكِنْ يُرَجَّحُ هَذَا بِأَنَّهُ أَوَّلُ عَدَدٍ يَكُونُ تَامًّا وَوَقَعَ فِي الْحَدِيثِ لِغَيْرِ هَذَا الْغَرَضِ كَمَا تَقَدَّمَ فَالْبَابَانِ مُخْتَلِفَانِ.

(الْفَرْقُ السَّادِسُ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْعُرُوضِ تُحْمَلُ عَلَى الْقِنْيَةِ حَتَّى يَنْوِيَ التِّجَارَةَ وَقَاعِدَةِ مَا كَانَ أَصْلُهُ مِنْهَا لِلتِّجَارَةِ)

هَاتَانِ قَاعِدَتَانِ فِي الْمَذْهَبِ مُخْتَلِفَتَانِ يَنْبَغِي بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَالسِّرِّ فِيهِمَا فَوَقَعَ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا ابْتَاعَ عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ فَكَاتَبَهُ فَعَجَزَ، أَوْ ارْتَجَعَ مِنْ مُفْلِسٍ سِلْعَةً، أَوْ أَخَذَ مِنْ غَرِيمِهِ عَبْدًا فِي دَيْنِهِ، أَوْ دَارًا فَأَجَّرَهَا سِنِينَ رَجَعَ جَمِيعُ ذَلِكَ لِحُكْمِ أَصْلِهِ مِنْ التِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِنِيَّةِ الْقِنْيَةِ، وَالْعَبْدُ الْمَأْخُوذُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ أَصْلِهِ قَالَ سَنَدٌ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فَلَوْ ابْتَاعَ الدَّارَ بِقَصْدِ الْغَلَّةِ فَفِي اسْتِئْنَافِ الْحَوْلِ بَعْدَ الْبَيْعِ لِمَالِكٍ رِوَايَتَانِ وَلَوْ ابْتَاعَهَا لِلتِّجَارَةِ وَالسُّكْنَى فَلِمَالِكٍ أَيْضًا قَوْلَانِ مُرَاعَاةً لِقَصْدِ التَّنْمِيَةِ بِالْغَلَّةِ وَالتِّجَارَةِ، أَوْ التَّغْلِيبِ لِلنِّيَّةِ فِي الْقِنْيَةِ عَلَى نِيَّةِ التَّنْمِيَةِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْعُرُوضِ فَإِنْ اشْتَرَى وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهِيَ لِلْقِنْيَةِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ يَقَعُ بِبَيَانِ قَاعِدَةٍ ثَالِثَةٍ شَرْعِيَّةٍ عَامَّةٍ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ أَنَّ كُلَّ مَا لَهُ ظَاهِرٌ فَهُوَ يَنْصَرِفُ إلَى ظَاهِرِهِ إلَّا عِنْدَ قِيَامِ الْمُعَارِضِ أَوْ الرَّاجِحِ لِذَلِكَ الظَّاهِرِ وَكُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ ظَاهِرٌ لَا يَتَرَجَّحُ أَحَدُ مُحْتَمَلَاتِهِ إلَّا بِمُرَجِّحٍ شَرْعِيٍّ وَلِذَلِكَ انْصَرَفَتْ الْعُقُودُ الْمُطْلَقَةُ إلَى النُّقُودِ الْغَالِبَةِ فِي زَمَانِ ذَلِكَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِيهَا، وَإِذَا وَكَّلَ إنْسَانٌ إنْسَانًا فَتَصَرَّفَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فِي تَخْصِيصِ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ بِالْمُوَكِّلِ فَإِنَّ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ يَنْصَرِفُ لِلْمُتَصَرِّفِ الْوَكِيلِ دُونَ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى تَصَرُّفَاتِهِ أَنَّهَا لِنَفْسِهِ وَكَذَلِكَ تَصَرُّفَاتُ الْمُسْلِمِينَ إذَا أُطْلِقَتْ وَلَمْ تُقَيَّدْ بِمَا يَقْتَضِي حِلَّهَا وَلَا تَحْرِيمَهَا فَإِنَّهَا تَنْصَرِفُ لِلتَّصَرُّفَاتِ الْمُبَاحَةِ دُونَ الْمُحَرَّمَةِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ

ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQنَوَى بِهِ التِّجَارَةَ، ثُمَّ بَاعَهُ فَإِنَّهُ يُزَكِّي ثَمَنَهُ لِحَوْلِ أَصْلِهِ اتِّفَاقًا، أَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَرَضُ قِنْيَةٍ مُلِّكَ بِمُعَاوَضَةٍ فَبَاعَهُ بِعَرَضٍ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ ثُمَّ بَاعَهُ فَإِنَّهُ يُزَكِّي ثَمَنَهُ لِحَوْلِ أَصْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِإِعْطَاءِ الثَّمَنَ حُكْمَ أَصْلِهِ الثَّانِي لَا أَصْلِهِ الْأَوَّلِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ عِنْدَهُ عَرَضُ قِنْيَةٍ مُفَادٌ فَبَاعَهُ بِعَرَضٍ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ، ثُمَّ بَاعَهُ فَفِي ذَلِكَ طَرِيقَتَانِ الْأُولَى طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ فِي زَكَاتِهِ وَعَدَمِهَا قَوْلَانِ، وَالثَّانِيَةُ طَرِيقَةُ ابْنِ الْحَارِثِ إنْ كَانَ أَصْلُ عَرَضِ الْقِنْيَةِ مِنْ شِرَاءٍ فَالْقَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ أَحَدِ قَوْلَيْ أَشْهَبَ، وَقَوْلُهُ الْآخَرُ: وَإِنْ كَانَ بِإِرْثٍ فَقِنْيَةٌ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْحَطَّابِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ.

وَلِخَامِسِهَا بِقَوْلِهِ: وَبِيعَ بِعَيْنٍ لَكِنْ لَا بُدَّ فِي الْمُحْتَكِرِ أَنْ يَكُونَ مَا بَاعَ بِهِ مِنْ الْعَيْنِ نِصَابًا وَلَوْ فِي مَرَّاتٍ وَبَعْدَ كَمَالِ النِّصَابِ يُزَكِّي مَا بِيعَ بِهِ وَلَوْ قَلَّ وَالْمُدِيرُ لَا يُقَوَّمُ إلَّا إنْ نَضَّ لَهُ شَيْءٌ مَا وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ، وَيُخْرِجُ عَمَّا قَوَّمَهُ مِنْ الْعَرَضِ ثَمَنًا عَلَى الْمَشْهُورِ لَا عَرَضًا بِقِيمَتِهِ، سَوَاءٌ نَضَّ لَهُ أَوَّلَ الْحَوْلِ، أَوْ وَسَطَهُ أَوْ آخِرَهُ بَقِيَ مَا نَضَّ، أَوْ ذَهَبَ، وَإِذَا لَمْ يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ آخِرَ الْحَوْلِ لَمْ يُزَكِّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْمُعَاوَضَةُ اخْتِيَارِيَّةً، أَوْ جَبْرِيَّةً كَأَنْ يَسْتَهْلِكَ شَخْصٌ لِآخَرَ سِلْعَةً فَيَأْخُذَ فِي قِيمَتِهَا عَرَضًا يَنْوِي بِهِ التِّجَارَةَ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ اخْتِيَارِيًّا، أَوْ اضْطِرَارًا كَمَنْ اسْتَهْلَكَ عَرَضَ تِجَارَةٍ وَأَخَذَ مِنْهُ قِيمَتَهُ.

وَلِسَادِسِ الشُّرُوطِ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ رَصَدَ بِهِ الْأَسْوَاقَ أَيْ انْتَظَرَ بِهِ رِبْحًا خَاصًّا فَكَالدَّيْنِ أَيْ زَكَاةً وَحَوْلًا وَقَبْضًا وَاقْتِضَاءً وَضَمًّا وَاخْتِلَاطًا وَتَلَفًا وَاتِّفَاقًا وَفِرَارًا وَبَقَاءً اُنْظُرْ الْحَطَّابَ، وَإِلَّا زَكَّى عَنْهُ وَلَوْ حُلِيًّا وَيُزَكِّي وَزْنَهُ تَحْقِيقًا، أَوْ تَحَرِّيًا كَمَا إذَا كَانَ عَرَضَ تِجَارَةٍ مُرَصَّعًا بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، وَدَيْنُهُ أَيْ عَدَدُهُ النَّقْدُ الْحَالُّ الْمَرْجُوُّ الْمُعَدُّ لِلنَّمَاءِ، وَإِلَّا يَكُنْ كَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ عَرَضًا أَوْ مُؤَجَّلًا مَرْجُوَّيْنِ قَوَّمَهُ وَلَوْ طَعَامَ سَلَمٍ كَسِلْعَةٍ - أَيْ الْمُدِيرِ - وَلَوْ بِإِرْثٍ لَا إنْ لَمْ يَرْجُهُ، أَوْ كَانَ قَرْضًا اهـ.

الْمُرَادُ بِإِصْلَاحٍ مِنْ بْن وَبِالْجُمْلَةِ فَمَسْأَلَةُ الْعُرُوضِ وَكَذَا مَسْأَلَةُ النَّقْدَيْنِ مِنْ مَسَائِلِ مَا لَهُ ظَاهِرٌ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ قِيَامِ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ لَهُ وَمِنْهَا الْعُقُودُ الْمُطْلَقَةُ تُصْرَفُ إلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ فِيهَا مِنْ الْعُقُودِ الْغَالِبَةِ فِي زَمَانِ ذَلِكَ الْعَقْدِ فَإِذَا وَكَّلَ إنْسَانٌ إنْسَانًا فَتَصَرَّفَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فِي تَخْصِيصِ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ غَيْرِهِ بِالْوَكِيلِ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ يَنْصَرِفُ لِنَفْسِهِ دُونَ مُوَكِّلِهِ إذْ غَالِبُ تَصَرُّفَاتِهِ أَنْ يَكُونَ لِنَفْسِهِ، وَإِذَا أُطْلِقَتْ تَصَرُّفَاتُ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ تُقَيَّدْ بِمَا يَقْتَضِي حِلَّهَا وَلَا تَحْرِيمَهَا انْصَرَفَتْ لِلتَّصَرُّفَاتِ الْمُبَاحَةِ دُونَ الْمُحَرَّمَةِ لِأَنَّ الْحِلَّ ظَاهِرُ حَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِذَا أُطْلِقَ الْعَقْدُ عَلَى الْعَيْنِ وَلَمْ يُصَرَّحْ فِيهِ بِمَنْفَعَةٍ خَاصَّةٍ انْصَرَفَ إلَى الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ عُرْفًا مِنْهُ فَمَنْ اسْتَأْجَرَ قَادَ وَمَا انْصَرَفَ إلَى النَّجْرِ دُونَ الْعِزَاقِ وَعَجْنِ الطِّينِ وَمَنْ اسْتَأْجَرَ عِمَامَةً انْصَرَفَ إلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الرُّءُوسِ دُونَ الْأَوْسَاطِ، أَوْ قَمِيصًا انْصَرَفَ إلَى اللُّبْسِ وَكَذَا كُلُّ عَقْدٍ عَلَى أَيِّ آلَةٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهَا وَلَا يَحْتَاجُ الْمُتَعَاقِدَانِ إلَى التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ بَلْ يَكْفِي ظَاهِرُ الْحَالِ وَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً فَإِنْ كَانَتْ مِنْ دَوَابِّ الْحَمْلِ انْصَرَفَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فِيهَا لِلْحَمْلِ دُونَ الرُّكُوبِ، أَوْ مِنْ دَوَابِّ الرُّكُوبِ انْصَرَفَ لِرُكُوبٍ دُونَ الْحَمْلِ فَيُكْتَفَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِظَاهِرِ حَالِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَمِنْهَا صَرِيحُ بَابِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالظِّهَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْ النِّيَّةِ وَيَنْصَرِفُ لِذَلِكَ الْبَابِ بِظَاهِرِهِ وَمِنْ مَسَائِلِ مَا لَيْسَ لِمُحْتَمَلَاتِهِ ظَاهِرٌ فَيُحْمَلُ عَلَى أَحَدِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015