رحمته تغْلب [ح 2] غضبه، تعرَّف إلى عباده بأوصافه وأفعاله وأسمائه، وتحبَّب إليهم بِنِعَمِهِ (?) وآلائه، وابتدأهم بإحسانه وعطائه، فهو المحسنُ إليهم والمجازي على إحسانه بالإِحسان، فله النعمةُ والفضلُ والثناءُ الحسنُ الجميلُ والامتنان، {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات: 17].

وأشهد أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، وأمينُهُ على وحْيِهِ، وخيرتُهُ من خلقِه، وسفيْرُهُ بينه وبين عباده، وحجَّتُهُ على جميع الإنس والجانِّ، أرسلَه على حينِ فترةٍ من الرسل، فهدى به إلى أقوم الطُّرق وأبْيَن السُّبل، وافترض على العباد طاعتَه ومحبَّته وتعظيمه والقيامَ بحقوقه، وسدَّ إلى الجنة جميع الطرق؛ فلم يفتح لأحدٍ إلا من طريقه، فشرح الله له صدرَه، ورفعَ له ذِكرَه، ووضعَ عنه وِزْرَه، وبعثه بالكتاب الهادي والسّيف الناصر بين يدي الساعة حتى يُعْبَد سبحانه وحده لا شريك له، وجعل رزقه تحت ظلِّ سيفه ورمحه، وجعل الذِّلَّة والصغار على مَن قابل أمره بالمخالفة والعصيان، وأنزل عليه من الكتب أجلَّها، ومن الشرائع أكملها، ومن الأمم أفضلَها، وهم يوفّون سبعين أمَّة هم خيرها وأكرمها على الرحمن، وخصَّه من الأخلاق بأزكاها، ومن مراتب الكمالِ بأعلاها، وجمع له من المحاسن ما فرَّقه في نوع الإنسان، فهو أكمل الناس خَلْقًا، وأحسنهم خُلُقًا، وأشجعهم قلبًا، وأجودهم كفًّا، وألينهم عريكةً، وأوسعهم صدرًا، وألطفهم عِشْرةً، وأفصحهم لسانًا، وأثبتهم جنانًا، وأشرفهم بيتًا ونسبًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015