بالإتيان بها لذلك بقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}، ومن ثم سُنَّت في الأمور المستقبلة دون الماضية، كما استُفيد من الآية، فلا يقال: فعلت كذا أمس إن شاء اللَّه تعالى.

(ثم أُتبعها ببابٍ في ضبط خفيِّ ألفاظها) جميعه، وبعض الواضح منها كما ذكره أول هذا الباب، وسأنقل منه ما يُحتاج إليه إلى مواضعه من هذا الشرح إن شاء اللَّه تعالى (?).

(وينبغي لكل راغبٍ في) عمل أو ثواب (الآخرة أن يعرف هذه الأحاديث) ويبحث عن أحكامها، ومعانيها، وما نصَّتْ عليه، وأشارت إليه (لما اشتملت عليه من المهمات، واحتوت عليه من التنبيه على جميع الطاعات، وذلك ظاهرٌ لمن تدبَّره) مستحضرًا ما قدمناه آنفًا في شرح قوله: (مشتملة على جميع ذلك) ونزيد هنا إيضاحًا: أن الشريعة إنما وردت لبيان مصالح الناس، وانتظام أحوالهم في معاشهم ومعادهم، وانتظام حال الأول إنما يتم بوضع قانون المعاملات على وفق العدل والإنصاف، وانتظام حال الثاني إنما يوجد بالتوحيد، ويتم بالطاعات القلبية؛ كالإخلاص والنية، والعلمية والعملية، وهذه الأحاديث منها ما هو ناصٌّ على الأول بأقسامه، ومنها -وهو أكثرها- ما هو ناصٌّ على الثاني بأقسامه، كما سيتضح لك بأزيد من ذلك عند تقرير كلٍّ منها.

(وعلى اللَّه) لا على غيره، كما أفاده تقديم المعمول (اعتمادي) في هذا الجمع وغيره (وإليه) لا إلى غيره (تفويضي واستنادي، وله) دون غيره (الحمد) ملكًا واستحقاقًا واختصاصًا (والنعمة) إيجادًا وإيصالًا إلى خلقه بسائر أنواعها كما مر، وغيرُهُ وإن وُجد له حمدٌ أو مِنهُ نعمةٌ فإنما هو باعتبار الصورة دون الحقيقة؛ كما مر بيانه واضحًا سوطًا (?).

(وبه) أي: بسبب تفضُّله ومِنَّته على من يشاء من خلقه (التوفيق) وهو: خلق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015