[كِتَابُ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ]

ِ) الْأَصْلُ فِي الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ أَنْ يُبَالِغَ فِي الذُّكُورِ وَالْبَيَانِ بِالتَّصْرِيحِ وَلَا يَكْتَفِي بِالْإِجْمَالِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ الْحَجَّاجُ نَجْمُ الدِّينِ شَمْسُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ عُمَرُ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْإِشَارَةَ فِي الدَّعَاوَى وَالْمَحَاضِرِ وَلَفْظِ الشَّهَادَةِ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهَا، وَكَذَا فِي السِّجِلَّاتِ لَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ حَتَّى قَالُوا: إذَا كَتَبَ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى حَضَرَ فُلَانٌ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَأَحْضَرَ فُلَانًا مَعَ نَفْسِهِ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَيْهِ لَا يُفْتَى بِصِحَّةِ الْمَحْضَرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أُحْضِرَ مَعَهُ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْمَحْضَرِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ هَذَا فَيَكْتُبُ الْمُدَّعِي هَذَا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْمَشَايِخِ كَانُوا لَا يُفْتُونَ بِالصِّحَّةِ بِدُونِهِ، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي السِّجِلَّاتِ: إذَا كَتَبَ: وَقَضَيْت لِمُحَمَّدٍ هَذَا عَلَى أَحَدٍ هَذَا، لَا بُدَّ وَأَنْ يَكْتُبَ: وَقَضَيْت لِمُحَمَّدٍ هَذَا الْمُدَّعِي عَلَى أَحَدٍ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَلِكَ قَالُوا: إذَا كَتَبَ فِي الْمَحْضَرِ عِنْدَ ذِكْرِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ وَأَشَارُوا إلَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ لَا يُفْتِي بِالصِّحَّةِ، وَقَالُوا أَيْضًا: إذَا كَتَبَ فِي صَكِّ الْإِجَارَةِ أَجَّرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَرْضَهُ بَعْدَمَا جَرَتْ الْمُبَايَعَةُ الصَّحِيحَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْأَشْجَارِ وَالزَّرَاجِين الَّتِي فِي هَذِهِ الْأَرْضِ لَا يُفْتَى بِصِحَّةِ الصَّكِّ بَعْدَمَا جَرَتْ الْمُبَايَعَةُ صَحِيحَةً بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ هَذَيْنِ فِي الْأَشْجَارِ وَالزَّرَاجِين الَّتِي فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ آجَرَ الْأَرْضَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا بَعْدَ مَا بَاعَ هَذَا الْآجِرُ الْأَشْجَارَ وَالزَّرَاجِين مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا.

وَقَالُوا أَيْضًا: إذَا كَتَبَ فِي الْمَحْضَرِ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي شُهُودَهُ وَسَأَلَنِي الِاسْتِمَاعَ إلَيْهِمْ فَشَهِدُوا عَلَى مُوَافَقَةِ الدَّعْوَى لَا يُفْتَى بِصِحَّةِ الْمَحْضَرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ أَلْفَاظَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِي عَسَى يَظُنُّ أَنَّ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ مُوَافَقَةً لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَكَذَلِكَ قَالُوا أَيْضًا: إذَا كَتَبَ فِي السِّجِلِّ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى مُوَافَقَةِ الدَّعْوَى لَا يُفْتَى بِصِحَّةِ السِّجِلِّ، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي لَوْ كَتَبَ قَدْ شَهِدُوا عَلَى مُوَافَقَةِ الدَّعْوَى لَا يُفْتَى بِصِحَّةِ الْكِتَابِ، وَمَنْ الْمَشَايِخِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ كِتَابِ الْقَاضِي وَالسِّجِلِّ وَبَيْنَ مَحْضَرِ الدَّعْوَى فَأَفْتَى بِصِحَّةِ الْكِتَابِ وَالسِّجِلِّ وَبِفَسَادِ مَحْضَرِ الدَّعْوَى، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي السِّجِلِّ إذَا كَتَبَ عَلَى وَجْهِ الْإِيجَارِ ثَبَتَ عِنْدِي مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْحَوَادِثُ الْحُكْمِيَّةُ وَالنَّوَازِلُ الشَّرْعِيَّةُ لَا يُفْتَى بِصِحَّةِ السِّجِلِّ مَا لَمْ يُبَيِّنْ الْأَمْرَ عَلَى وَجْهِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالُوا: وَيَكْتُبُ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى شَهِدَ الشُّهُودُ بِكَذَا عَقِبَ دَعْوَى الْمُدَّعِي هَذَا.

وَكَذَا يَكْتُبُ عَقِبَ الْجَوَابِ بِالْإِنْكَارِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِئَلَّا يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّهُمْ شَهِدُوا قَبْلَ الدَّعْوَى أَوْ شَهِدُوا عَلَى الْخَصْمِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَصْمِ الْمُقِرِّ لَا تُسْمَعُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مَعْدُودَةٍ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَعِنْدِي أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَذَكَرَ فِي الشُّرُوطِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ وَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ بِالْإِنْكَارِ وَبَعْدَ الِاسْتِشْهَادِ مِنْ الْمُدَّعِي كَيْ يَخْرُجَ عَنْ حَدِّ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ إذَا شَهِدُوا بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ بِدُونِ طَلَبِ الْمُدَّعِي الشَّهَادَةَ لَا تُسْمَعُ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَعِنْدِي كُلُّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ يَقُولُ: يَنْبَغِي لِلْمُدَّعِي أَنْ يَقُولَ فِي دَعْوَاهُ (أَيْنَ مُدَّعِي بِحَقِّ مِنْ است) وَلَا يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ (أَيْنَ مِنْ است وَحَقّ مِنْ) حَتَّى لَا يُمْكِنُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ (وَحَقّ مِنْ ني) وَكَذَلِكَ فِي جَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَكْفِي بِقَوْلِهِ (أَيْنَ مُدَّعِي مُلْك مِنْ است وَحَقّ مِنْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ (مُلْك مِنْ است وَحَقّ مِنْ است) حَتَّى لَا يُلْحِقَ بِآخِرِهِ كَلِمَةَ النَّفْيِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015