وَأَكْثَرَ وَأَقَلَّ؟ وَهَلْ يَقَعُ تَحْرِيمٌ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ الْمُتَزَوِّجَيْنِ بِرَضَاعِ بَعْضِ قَرَابَاتِهِمْ لِبَعْضٍ، وَبَيِّنُوهُ بَيَانًا شَافِيًا؟

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَهُوَ مُتَلَقًّى بِالْقَبُولِ، فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ اتَّفَقُوا عَلَى الْعَمَلِ بِهِ، وَلَفْظُهُ: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» . وَالثَّانِي: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ» . وَقَدْ اسْتَثْنَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ صُورَتَيْنِ، وَبَعْضُهُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا خَطَأٌ، فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ الْحَدِيثِ شَيْءٌ، وَنَحْنُ نُبَيِّنُ ذَلِكَ فَنَقُولُ: إذَا ارْتَضَعَ الرَّضِيعُ مِنْ الْمَرْأَةِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ مِنْ الْحَوْلَيْنِ، صَارَتْ الْمَرْأَةُ أُمَّهُ، وَصَارَ زَوْجُهَا الَّذِي جَاءَ اللَّبَنُ بِوَطْئِهِ أَبَاهُ، فَصَارَ ابْنًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ جَمِيعُ أَوْلَادِ الْمَرْأَةِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَمِنْ غَيْرِهِ، وَجَمِيعُ أَوْلَادِ الرَّجُلِ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا إخْوَةً لَهُ، سَوَاءٌ وُلِدُوا قَبْلَ الرَّضَاعِ أَوْ بَعْدَهُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ.

وَإِذَا كَانَ أَوْلَادُهُمَا إخْوَتَهُ، كَانَ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِمَا أَوْلَادَ إخْوَتِهِ، فَلَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَضِعِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدًا مِنْ أَوْلَادِهِمَا، وَلَا أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا، فَإِنَّهُمَا إمَّا إخْوَتُهُ وَإِمَّا أَوْلَادُ إخْوَتِهِ، وَذَلِكَ يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ. وَإِخْوَةُ الْمَرْأَةِ وَأَخَوَاتُهَا أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ، وَأَبُوهَا وَأُمُّهَا أَجْدَادُهُ وَجَدَّاتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدًا مِنْ إخْوَتِهَا، وَلَا مِنْ أَخَوَاتِهَا، وَإِخْوَةُ الرَّجُلِ أَعْمَامُهُ وَعَمَّاتُهُ، وَأَبُو الرَّجُلِ وَأُمَّهَاتُهُ أَجْدَادُهُ وَجَدَّاتُهُ، فَلَا يَتَزَوَّجُ بِأَعْمَامِهِ وَعَمَّاتِهِ، وَلَا بِأَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ، لَكِنْ يَتَزَوَّجُ بِأَوْلَادِ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ. فَإِنَّ جَمِيعَ أَقَارِبِ الرَّجُلِ حَرَامٌ عَلَيْهِ. إلَّا أَوْلَادُ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَأَوْلَادُ الْخَالِ وَالْخَالَاتِ، كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} [الأحزاب: 50] .

فَهَؤُلَاءِ الْأَصْنَافُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ مِنْ الْأَقَارِبِ، فَيُبَحْنَ مِنْ الرَّضَاعَةِ. وَإِذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015