الفاضل (صفحة 12)

وتحدّث عمر بن شبّة قال «1» : بينما ابن عباس فى المسجد الحرام وعنده ناس من الخوارج وابن الأزرق يسائلونه إذ أقبل عمر بن عبد الله بن أبى ربيعة فقال:

أنشدنا، فأنشده:

أمن آل نعم أنت غاد فمبكر ... غداة غد أم رائح فمهجّر

حتى جاء على آخرها. فأقبل عليه ابن الأزرق فقال: تالله «2» يابن عباس، إنا نضرب إليك أكباد الإبل عن أقاصى البلاد لنسألك عن الحلال والحرام فتتثاقل علينا، ويأتيك مترف من مترفى قريش فينشدك:

رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت ... فيخزى وأمّا بالعشىّ فيخسر

فقال ابن عبّاس: ليس هكذا. قال: فكيف قال؟: فأنشده:

رأت رجلا أمّا إذا الشمس عارضت ... فيضحى وأمّا بالعشىّ فيخصر

فقال: ما أراك إلّا وقد حفظت هذا البيت، قال: نعم! وإن شئت أن أنشدك القصيدة كلّها كما [أنشدك] أنشدتك، قال: نعم، فانّى أشاء، فأنشده القصيدة حتى جاء على آخرها، ثم أقبل على عمر فقال: أنشد، فأنشده: «3»

تشطّ غدا دار جيراننا

فقال ابن عباس:

وللّدار بعد غد أبعد

فقال: كذا قلت! قال: كذا يكون- إن شاء الله- فاضطرب ابن أبى ربيعة وخجل، فقال له ابن عباس: إنما عنيت أنّك أنت قلته، قال: يا عمّ، فكيف علمت؟

فقال: لا يكون بعد هذا إلّا ذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015