وأذكر أنه شفع له شخص مليح الكلام. فولاه وأحسن إليه. فأتى بالقبائح. فذكر أمره وأنا حاضر. ثم قال فيه:

لا تصنع المعروف إلا لمن ... رأيته أهلا لشكر الصنيع

كم من شريف القول قد غرني ... بقوله والفعل منه وضيع

ولم أكن أغلظ في مثله ... لكن رمتني ثقتي بالشفيع

قال وقد كان مولعا بالألغاز. ومن محاسن ما له في هذا الباب قوله في القلم والدواة:

وميتٍ برمسٍ طعمه عند رأسه ... فإن ذاق من ذاك الطعام تكلما

يموت فيحيا ثم يفرغ زاده ... فيرجع للقبر فيه تيما

فلا هو حي يستحق كرامةً ... ولا هو ميت يستحق ترحما

وقوله في الصابون:

وأسمر السودان بيضاً ... ويخشى الشمس أن تعدو عليه

له في صنعه سرٌ مليح ... وكل الناس محتاج إليه

وقوله في العين:

وطائرة تطير بلا جناح ... تفوت الطائرين وما تطير

إذا ما مسها الحجر أطمأنت ... وتألم أن يلامسها الحرير

قال: وصحبه مرة في سفر، فجلسنا ليلا على نهر، وقد تشكل فيه القمر والنجوم، فقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015