قَدْرَ يَوْمٍ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (فِي مَسْجِدٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِلْإِجْمَاعِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] إذْ ذِكْرُ الْمَسَاجِدِ لَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ لِجَعْلِهَا شَرْطًا فِي مَنْعِ مُبَاشَرَةِ الْمُعْتَكِفِ لِمَنْعِهِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسَاجِدِ وَلِمَنْعِ غَيْرِهِ أَيْضًا مِنْهَا فِي الْمَسَاجِدِ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهَا شَرْطًا لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ

وَلَا يَفْتَقِرُ شَيْءٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ لِلْمَسْجِدِ إلَّا تَحِيَّتَهُ

وَالِاعْتِكَافَ، وَالطَّوَافَ (بِحِلِّ) أَيْ: مَعَ حِلِّ لُبْثِهِ بِالْمَسْجِدِ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِهِ حَدَثٌ أَكْبَرُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُهُ لِتَحْرِيمِ اللُّبْثِ الَّذِي بِهِ الِاعْتِكَافُ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ اعْتَكَفَ شَخْصٌ فِي مَسْجِدٍ وُقِفَ عَلَى غَيْرِهِ دُونَهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْثُهُ فِيهِ مَعَ صِحَّةِ اعْتِكَافِهِ فِيهِ كَالتَّيَمُّمِ بِتُرَابٍ مَغْصُوبٍ فَإِنْ دُفِعَ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِي هَذَا لَا تَخْتَصُّ بِاللُّبْثِ قُلْنَا لَا يُدْفَعُ وُرُودُهُ عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَلَوْ سُلِّمَ فَيَرِدُ مَا لَوْ أَبَاحَ لَهُ الْوَاقِفُ الْمُرُورَ دُونَ اللُّبْثِ

(وَجَامِعٌ أَوْلَى) بِالِاعْتِكَافِ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَسَاجِدِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَلِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ وَلِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ بَلْ يَتَعَيَّنُ فِيمَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ مُدَّةٍ مُتَتَابِعَةٍ يَتَخَلَّلُهَا جُمُعَةٌ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا لِأَنَّ الْخُرُوجَ لَهَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ

(بِنِيَّةٍ) لَهُ فِي ابْتِدَائِهِ كَالصَّلَاةِ وَيَتَعَرَّضُ فِي نَذْرِهِ لِلْفَرْضِيَّةِ لِيَمْتَازَ عَنْ النَّفْلِ

(وَمَنْ يَخْرُجْ) مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَوْ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَمْ يَكُنْ قَدَّرَ زَمَنًا لِاعْتِكَافِهِ (يُجَدِّدْ) نِيَّتَهُ بَعْدَ الْعَوْدِ إلَيْهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فِي مَسْجِدٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنَّهُ أَيْ: وَعُلِمَ أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَصِحُّ فِيمَا وُقِفَ جُزْؤُهُ شَائِعًا مَسْجِدًا. اهـ. وَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ إلَى قِسْمَتِهِ إنْ كَانَتْ إفْرَازًا وَيَحْرُمُ الْمُكْثُ فِيهِ عَلَى الْجُنُبِ وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ مَعَ التَّبَاعُدِ عَنْ الْإِمَامِ نَعَمْ تُسَنُّ التَّحِيَّةُ فِيهِ بِرّ (قَوْلُهُ: لِمَنْعِهِ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْمُبَاشَرَةِ أَيْ: مِنْ حَيْثُ الِاعْتِكَافُ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ خَارِجَهُ إذَا كَانَ نَفْلًا لِجَوَازِ قَطْعِهِ

(قَوْلُهُ: فَيَرِدُ مَا لَوْ أَبَاحَ لَهُ وَالْوَاقِفُ إلَخْ) إذَا أُرِيدَ حِلُّ اللُّبْثِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَبْثٌ بِالْمَسْجِدِ انْدَفَعَ هَذَا إذْ اللَّبْثُ فِيمَا ذُكِرَ حَلَالٌ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا) وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْخُرُوجُ لَهَا (قَوْلُهُ: لِلْفَرْضِيَّةِ، أَوْ النَّذْرِ) كَمَا فِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِلذَّخَائِرِ وَغَيْرِهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُقَارِنَ النِّيَّةَ الْمُكْثُ وَبَحَثَ فِيهِ ع ش فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: لِمَنْعِهِ مِنْهَا إلَخْ) فِي الْأَنْوَارِ يَحْرُمُ الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَكِفِ أَيْضًا. اهـ. شَرْحُ عُبَابٍ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ) فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ مَتَى حَرُمَ اللُّبْثُ امْتَنَعَ صِحَّةُ الِاعْتِكَافِ وَهَذَا كَذَلِكَ وَكَوْنُ الْمُرَادِ فِي الْمَفْهُومِ أَنْ يَحْرُمُ اللُّبْثُ فَقَطْ دُونَ الْمُرُورِ لِيَخْتَصّ بِنَحْوِ الْجُنُبِ غَيْرُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ قَدَّرَ زَمَنًا لِاعْتِكَافِهِ إلَخْ) الْحَاصِلُ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ لِنِيَّةِ الِاعْتِكَافِ مَنْذُورًا أَوْ نَفْلًا ثَلَاثُ مَرَاتِبَ الْأُولَى أَنْ يَنْوِيَ الِاعْتِكَافَ بِلَا تَقْدِيرِ مُدَّةٍ فَتَكْفِيهِ هَذِهِ النِّيَّةُ وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ وَإِذَا خَرَجَ فِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَوْ لِلتَّبَرُّزِ بِلَا عَزْمِ عَوْدٍ وَعَادَ وَلَوْ فَوْرًا جَدَّدَ النِّيَّةَ إنْ أَرَادَ الِاعْتِكَافَ؛ لِأَنَّ مَا مَضَى عِبَادَةٌ تَامَّةٌ قَدْ انْتَهَتْ وَهَذَا اعْتِكَافٌ جَدِيدٌ فَإِنْ عَزَمَ قَبْلَ الْخُرُوجِ عَلَى الْعُودِ لِلِاعْتِكَافِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ بِأَنْ يُلَاحِظَ ذَلِكَ فَلَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ وَعَادَ وَلَوْ لِمَسْجِدٍ آخَرَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ لَمْ يُجَدِّدْ النِّيَّةَ وَكَفَتْهُ هَذِهِ الْعَزِيمَةُ إنْ لَمْ يَرْفُضْهَا قَبْلَ الْعَوْدِ وَإِذَا عَزَمَ عِنْدَ النِّيَّةِ أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ عَلَى أَنَّهُ إذَا خَرَجَ يَعُودُ هَلْ لَا عِبْرَةَ بِهَذَا الْعَزْمِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ وَفَاتِهِ فَإِذَا خَرَجَ غَافِلًا عَنْهُ وَعَادَ جَدَّدَ النِّيَّةَ رَاجِعْهُ.

فَفِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مَا يُفِيدُ خِلَافَ ذَلِكَ وَاسْتَشْكَلَ الشَّيْخَانِ كِفَايَةَ الْعَزْمِ بِأَنَّ اقْتِرَانَ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ الْعِبَادَةِ شَرْطٌ فَكَيْفَ يَحْصُلُ الِاكْتِفَاءُ بِالْعَزْمِ السَّابِقِ عَلَى الْعَوْدِ، ثُمَّ أَجَابَ الشَّيْخُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ الْعَزْمَ هُنَا نِيَّةُ زِيَادَةٍ وَقَدْ وُجِدَ قَبْلَ الْخُرُوجِ فَصَارَ كَمَنْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَوَى قَبْلَ السَّلَامِ زِيَادَةً. اهـ. قَالَ سم: قَدْ يُفَرَّقُ بِاتِّصَالِ الزِّيَادَةِ بِالْمَزِيدِ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ أَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ هُنَا مُتَّصِلَةٌ حُكْمًا بِالْمَزِيدِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْخُرُوجَ مَعَ الْعَزْمِ الْمَذْكُورِ يَبْقَى مَعَهُ حُكْمُ الِاعْتِكَافِ حَتَّى لَوْ أَتَى بِمَا يُنَافِيهِ كَالْجِمَاعِ بَطَلَ الْحُكْمُ وَلَغَتْ الْعَزِيمَةُ فَإِذَا عَادَ جَدَّدَ النِّيَّةَ. اهـ. وَخَالَفَ الشَّيْخُ ز ي فَقَالَ لَا يُجَدِّدُهَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَبْقَى مَعَ الْخُرُوجِ، وَالْبَاقِي إنَّمَا هُوَ الْعَزْمُ، وَالْعَزْمُ لَا يُنَافِيهِ الْجِمَاعُ كَمَا فِي نِيَّةِ الصَّوْمِ لَيْلًا فَإِنَّهُ إذَا نَوَى، ثُمَّ جَامَعَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَا يُجَدِّدُهَا فَكَذَا هُنَا. اهـ.

وَفِيهِ أَنَّ نِيَّةَ الصَّوْمِ لَيْلًا تَصِحُّ حَالَ الْجِمَاعِ كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ فَإِذَا طَرَأَ عَلَيْهَا الْجِمَاعُ لَا يُبْطِلُهَا وَلَا كَذَلِكَ هُنَا عَلَى أَنَّ الْعَزْمَ الَّذِي لَا يُنَافِيهِ الْجِمَاعُ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ هُوَ الْعَزْمُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ عَزْمًا أَمَّا مِنْ حَيْثُ قِيَامُهُ مَقَامَ النِّيَّةِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا كَمَا مَرَّ وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِالْحُكْمِ فِي كَلَامِ سم فَكَالنِّيَّةِ يُنَافِيهِ مَا يُنَافِي الِاعْتِكَافَ مِنْ الْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا قَالَهُ ز ي تَكُونُ مُتَّصِلَةً مِنْ حَيْثُ الْعَزْمُ وَهُوَ كَافٍ فِي الْجَوَابِ عَنْ الْفَرْقِ لَكِنْ فِي شَرْحِهِ لِلْإِيضَاحِ لِلْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ وَابْنِ عَلَّانَ وَإِنْ صَدَرَ مِنْهُ مَا يُنَافِي الِاعْتِكَافَ لَا مَا يُنَافِي النِّيَّةَ وَفِي حَاشِيَةِ ح ل مَا قَالَهُ ز ي الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ التَّقْدِيرُ بِمُدَّةٍ غَيْرِ مَشْرُوطٍ تَتَابُعُهَا وَغَيْرِ مُعَيَّنَةٍ بِاسْمٍ أَوْ إشَارَةٍ كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ أُسْبُوعٍ أَوْ عَشْرٍ أَوْ شَهْرٍ فَيَعْتَكِفُ ذَلِكَ مُتَتَابِعًا أَوْ مُفَرَّقًا لِعَدَمِ الْتِزَامِ التَّتَابُعِ نَعَمْ الْيَوْمُ لَا يُفَرَّقُ نَظَرًا لِلَفْظِهِ وَإِذَا خَرَجَ فِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ لِلتَّبَرُّزِ لَمْ يَنْقَطِعْ اعْتِكَافُهُ؛ لِأَنَّ التَّبَرُّزَ لَا بُدَّ مِنْهُ فَالْخُرُوجُ لَهُ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمُدَّةِ الْمُقَدَّرَةِ وَبِهَذَا فَارَقَ الْخُرُوجَ فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ لَا مُدَّةَ فِيهَا مُقَدَّرَةً حَتَّى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015