إذَا كَانَ لِمَرَضٍ فَيَحِلُّ مَعَ فَقْدِهَا وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْجَرْحِ كَوْنُهُ مُذَفِّفًا بَلْ يَكْفِي الْإِزْهَاقُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُزْهِقًا وَتَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهِ، وَمَاتَ بِلَا ذَبْحٍ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ، وَكَانَ مُقَصِّرًا بِأَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ سِكِّينٌ أَوْ غُصِبَ مِنْهُ أَوْ نَشِبَ فِي الْغِمْدِ حَرُمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا لِقِصَرِ الزَّمَنِ أَوْ امْتِنَاعِ الصَّيْدِ حَتَّى مَاتَ حَلَّ، وَقَوْلُهُ: (بِجَارِحٍ) أَيْ: وَلَوْ مِنْ خَشَبٍ أَوْ قَصَبٍ أَوْ حَجَرٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْقَطْعِ وَالْجَرْحِ أَوْ بِالْمُزْهِقِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ اخْتَطَفَ رَأْسَ عُصْفُورٍ أَوْ قَتَلَهُ بِبُنْدُقَةٍ أَوْ بِعَرْضِ الْمُحَدَّدِ وَإِنْ أَبَانَ رَأْسَهُ

(وَمَا الْعِظَامُ) كَسِنٍّ وَظُفْرٍ (صَالِحَهْ لَهَا) أَيْ: لِلذَّكَاةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ «رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا مُلَاقُو الْعَدُوَّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى فَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ. قَالَ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ» وَأُلْحِقَ بِهِمَا بَاقِي الْعِظَامِ وَمَعْلُومٌ بِمَا سَيَأْتِي حِلُّ مَا قَتَلَهُ الْكَلْبُ، أَوْ نَحْوُهُ بِظُفْرِهِ أَوْ نَابِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَائِهِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الذَّبْحِ بِالْعِظَامِ قِيلَ تَعَبُّدٌ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَعْنَاهُ لَا تَذْبَحُوا بِهَا؛ لِأَنَّهَا تُنَجَّسُ بِالدَّمِ وَقَدْ نُهِيتُمْ عَنْ تَنْجِيسِهَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ لِكَوْنِهَا زَادَ إخْوَانِكُمْ مِنْ الْجِنِّ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ أَنَّهُمْ كُفَّارٌ وَقَدْ نُهِيتُمْ عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ

(وَ) ذَكَاةُ غَيْرِ الْمَقْدُورِ أَيْضًا خَالِصُ (إرْسَالِ) أَيْ: إغْرَاءِ (بَصِيرٍ) نُنَاكِحُهُ أَوْ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ عَلَيْهِ (جَارِحَهْ) مِنْ السِّبَاعِ أَوْ الطُّيُورِ (اسْتَرْسَلَتْ) أَيْ: هَاجَتْ (وَانْزَجَرَتْ) أَيْ: امْتَنَعَتْ وَلَوْ بَعْدَ شِدَّةِ عَدْوِهَا (بِهِ) أَيْ: بِإِرْسَالِ صَاحِبِهَا وَبِزَجْرِهِ فَقَوْلُهُ بِهِ تَنَازَعَهُ الْفِعْلَانِ قَبْلَهُ (وَلَا نَأْكُلُ مِنْ صَيْدٍ) أَمْسَكَتْهُ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَيُعْتَبَرُ وُقُوعُ هَذِهِ الْخِصَالِ مِنْهَا (مِرَارًا) مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ بِحَيْثُ يُظَنُّ تَأَدُّبُهَا، وَالرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْجَوَارِحِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ تَكَرُّرُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ، وَدَلِيلُ الْحِلِّ بِذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4] الْآيَةَ «وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ لَمَّا قَالَ لَهُ إنِّي أَصِيدُ بِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ وَبِغَيْرِهِ: مَا صِدْتَ بِكَلْبِك الْمُعَلَّمِ فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَكُلْ وَمَا صِدْت بِكَلْبِك الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلَا يَحِلُّ الْمُتَرَدِّي بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ، أَوْ نَحْوِهِ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ النَّظْمِ خِلَافَهُ، وَفَارَقَ إرْسَالَ السَّهْمِ بِأَنَّ الْحَدِيدَ يُسْتَبَاحُ بِهِ الذَّبْحُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِخِلَافِ عَقْرِ الْكَلْبِ وَخَرَجَ بِالْبَصِيرِ الْأَعْمَى فَلَا يَصِحُّ إرْسَالُهُ وَإِنْ دَلَّهُ بَصِيرٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَلَّهُ عَلَى الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّ التَّوَجُّهَ إلَيْهَا يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ وَقَدْ (أَغْفَلَا) أَيْ: الْحَاوِي خَصْلَةً (رَابِعَةً لَمْ تَكْتَمِلْ) أَيْ: الْجَارِحَةُ تَعْلِيمًا (إلَّا بِهَا) وَهِيَ (أَنْ تُمْسِكَ الصَّيْدَ عَلَى أَصْحَابِهَا) يَعْنِي فَلَا تُخَلِّيهِ يَذْهَبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] (قُلْتُ وَقَدْ أَوْهَمَ) كَلَامُهُ (أَنْ نُرَاعِي) نَحْنُ (الْكُلَّ) أَيْ: كُلَّ الْخِصَالِ (فِي الطُّيُورِ وَالسِّبَاعِ وَمَا كَذَا الْأَمْرُ فَفِي الطُّيُورِ) مُسَلَّمٌ أَنَّهُ (يُشْتَرَطُ تَرْكُ الْأَكْلِ) أَيْ: أَكْلِهَا مِنْ الصَّيْدِ (فِي الْمَشْهُورِ وَأَنْ يَهِيجَ) أَيْ: الطَّيْرُ (عِنْدَ الْإِغْرَاءِ) كَمَا فِي جَارِحَةِ السِّبَاعِ (وَ) لَكِنْ (لَا مَطْمَعَ) كَمَا قَالَ الْإِمَامُ (فِي انْزِجَارِهِ مُسْتَرْسِلَا) أَيْ: بَعْدَ طَيَرَانِهِ بِخِلَافِ جَارِحَةِ السِّبَاعِ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِيهِ أَيْضًا.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَقَدْ اعْتَبَرَهُ فِي الْبَسِيطِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَقَالَةَ الْإِمَامِ بِلَفْظِ قِيلَ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَرْكُ أَكْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الضَّرْبَ لِيُعَلَّم تَرْكَ الْأَكْلِ بِخِلَافِ جَارِحَةِ السِّبَاعِ

وَإِنَّمَا تَصِحُّ الذَّكَاةُ (إنْ أَمَّهُ) أَيْ: الْقَطْعَ أَوْ الْجَرْحَ أَوْ الْإِرْسَالَ أَيْ: قَصَدَهُ فَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَسَقَطَ أَوْ نَصَبَهُ فَانْجَرَحَ بِهِ صَيْدٌ وَمَاتَ أَوْ احْتَكَّتْ بِهِ شَاةٌ وَهُوَ بِيَدِهِ فَانْقَطَعَ حُلْقُومُهَا وَمَرِيئُهَا أَوْ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ فَقَتَلَ لَمْ يَحِلَّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَنَحْوَهَا خَارِجَةٌ بِتَعْبِيرِهِ بِقَطْعِ جَائِزِ الْمُنَاكَحَةِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ فِي إخْرَاجِهَا لِقَوْلِهِ إنْ أَمَّهُ نَعَمْ يَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ وُجِدَ الْقَطْعُ، أَوْ الْجَرْحُ، أَوْ الْإِرْسَالُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُزْهِقًا إلَخْ) قَضِيَّةُ الْحِلِّ إذَا كَانَ الْجُرْحُ مُزْهِقًا وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ فَصْلٌ: وَإِنْ أَرْسَلَ سَهْمًا أَوْ كَلْبًا عَلَى صَيْدٍ وَأَدْرَكَهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ اُسْتُحِبَّ ذَبْحُهُ أَوْ مُسْتَقِرَّةٌ فَلَمْ يَذْبَحْهُ لِتَقْصِيرٍ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِعُرْضِ الْمَحْدُودِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ: جَانِبِهِ

(قَوْلُهُ: وَقَالَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) قَدْ يَقْتَضِي مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ امْتِنَاعَ تَنْجِيسِهَا فِي غَيْرِ الذَّبْحِ وَالِاسْتِنْجَاءِ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: {وَمَا عَلَّمْتُمْ} [المائدة: 4] أَيْ: وَمَصِيدُ مَا عَلَّمْتُمْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْإِزْهَاقُ) أَيْ: كَوْنُهُ يُفْضِي إلَى الْمَوْتِ غَالِبًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَلَا يُشْتَرَطُ التَّذْفِيفُ عَلَى الْأَصَحِّ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ نُهِيتُمْ عَنْ التَّشَبُّهِ) أَيْ: لِمَعْنًى ذَاتِيٍّ فِي الْآلَةِ الَّتِي وَقَعَ التَّشَبُّهُ بِهَا فَلَا يُقَالُ مُجَرَّدُ النَّهْيِ عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ لَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ بَلْ وَلَا الْحُرْمَةَ فِي نَحْوِ النَّهْيِ عَنْ السَّدْلِ وَاشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ. اهـ. شَرْحُ م ر وَحَجَرٌ

(قَوْلُهُ: فَلَا تُخَلِّيهِ إلَخْ) وَلَا تَقْتُلُهُ (قَوْلُهُ: فِي الْمَشْهُورِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَا مَطْمَعَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015