أَوْ مَجْهُولٍ، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: 72] ، وَكَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ كَالْوَسْقِ وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا إذَا وَرَدَ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَهُوَ هُنَا خَبَرُ اللَّدِيغِ الَّذِي رَقَاهُ الصَّحَابِيُّ بِالْفَاتِحَةِ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَهُوَ الرَّاقِي كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَالْقَطِيعُ ثَلَاثُونَ رَأْسًا مِنْ الْغَنَمِ وَأَيْضًا الْحَاجَةُ قَدْ تَدْعُو إلَيْهَا فَجَازَتْ كَالْمُضَارَبَةِ وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: عَاقِدٌ وَجُعْلٌ، وَصِيغَةٌ، وَعَمَلٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ: (صَحَّتْ جِعَالَةٌ بِأَنْ يَلْتَزِمَا أَهْلُ إجَارَةٍ) بِأَنْ يَكُونَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ مَالِكًا، أَوْ غَيْرَهُ (بِجُعْلٍ) كَقَوْلِهِ: مَنْ رَدَّ آبِقِي، أَوْ آبِقَ زَيْدٍ مَثَلًا فَلَهُ دِرْهَمٌ فَلَا تَصِحُّ بِغَيْرِ الْتِزَامٍ، وَلَوْ مَعَ الْأَمْرِ بِرَدِّهِ، وَلَا بِالْتِزَامِ صَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ، أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَخَصَّ الْإِجَارَةَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهَا أَشْبَهُ بِالْجِعَالَةِ؛ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا مُقَابَلَةُ مَنْفَعَةٍ بِعِوَضٍ وَإِنْ فَارَقَتْهَا فِي أَنَّ الْجِعَالَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَأَنَّ جُعْلَهَا إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْفَرَاغِ وَأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ مُطْلَقًا، وَلَا تَعْيِينُ الْعَامِلِ، وَلَا الْعِلْمُ بِمِقْدَارِ الْعَمَلِ، وَلَا الْقَبُولُ لَفْظًا لِمَا فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ مِنْ التَّضْيِيقِ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ.

وَعَلَى ذَلِكَ قَالَ الْقَمُولِيُّ: لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ رَدَدْت عَبْدِي فَلَكَ دِينَارٌ فَقَالَ: أَرُدُّهُ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِاسْتِحْقَاقِ الدِّينَارِ، وَقَدْ يَنْقَدِحُ فِيهِ خِلَافٌ كَمَا فِي الْخُلْعِ، وَأَمَّا الْعَامِلُ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَيُعْتَبَرُ فِيهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ أَهْلِيَّةُ الْعَمَلِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْعَبْدُ، وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ بِإِذْنٍ، وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَغَيْرُهُ وَيَخْرُجُ عَنْهُ الْعَاجِزُ عَنْ الْعَمَلِ كَصَغِيرٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــSبَابُ الْجِعَالَةِ) (قَوْلُهُ: شَرْعٌ لَنَا) الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ شَرْعًا لَنَا مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ: إذَا وَرَدَ أَيْ: فِي شَرْعِنَا. (قَوْلُهُ: عَلَى قَطِيعٍ) وَلَعَلَّ الْقَطِيعَ وُصِفَ فِي الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا؛ إذْ يَكْفِي فِي هَذَا الْبَابِ وَصْفُ الْمُعَيَّنِ كَمَا سَيُعْلَمُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عُيِّنَ فِي الْعَقْدِ كَارْقِنِي بِهَذَا الْقَطِيعِ؛ إذْ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ مَا يُنَافِي ذَلِكَ سم. (قَوْلُهُ: مَالِكًا) أَيْ: لِنَحْوِ الْآبِقِ. (قَوْلُهُ: وَلَا الْعِلْمُ بِمِقْدَارِ الْعَمَلِ) أَيْ: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ: إذَا لَمْ يُمْكِنْ ضَبْطُهُ، وَإِلَّا اُشْتُرِطَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ، أَوْ مَجْهُولٍ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْجِعَالَةَ لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي هَذَا الْأَخْذِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْخُلْعِ) صُورَتُهُ أَنْ تَقُولَ: طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفَيْنِ مَثَلًا فَيَقُولَ: طَلَّقْتُك عَلَى أَلْفٍ مَثَلًا بِرّ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ) قِيلَ كَالصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ. اهـ. . وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهَا تَنْفَسِخُ بِجُنُونِ أَحَدِهِمَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْجُنُونَ، إنْ طَرَأَ عَلَى الْعَقْدِ أَثَّرَ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَجْنُونِ نَوْعُ تَمْيِيزٍ، أَوْ تَأَثُّرٍ بِالْإِيجَابِ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِاسْتِحْقَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَمَنْ رَدَّ مِنْ غَيْرِ مُخَاطَبَتِهِ، وَلَا عِلْمِهِ بِالنِّدَاءِ، ثُمَّ أَوْرَدْت مَا تَقَدَّمَ عَلَى م ر فَالْتَزَمَ الْأَمْرَيْنِ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّهُ لَمَّا عَقَدَ مَعَ الْمَجْنُونِ فَقَدْ رَضِيَ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَقَدَ، مَعَ عَاقِلٍ لَمْ يَرْضَ بِالْجُنُونِ فَإِذَا طَرَأَ انْفَسَخَ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ. وَكَتَبَ أَيْضًا وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ كَالصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ حَجَرٌ وَقَوْلُهُ: بِإِذْنٍ أَيْ: مِنْ السَّيِّدِ، وَالْوَلِيِّ. (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ أَهْلِيَّةِ الْعَمَلِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُجَابُ بِأَنَّ إطْلَاقَ الْعَمَلِ وَعَدَمَ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَعْلُومًا، وَتَقْيِيدَ الْعَمَلِ فِي الْإِجَارَةِ بِكَوْنِهِ مَعْلُومًا بِمَعْنَى مَا مِنْ شَأْنِهِ فِيهِمَا يُمَيِّزُ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى فَلْيُتَأَمَّلْ سم بِهَامِشِ ش الرَّوْضِ، وَحَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ، لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ، وَإِنْ مَيَّزَ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى فِي الْمَفْهُومِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ صِدْقَ الْجِعَالَةِ بِالْإِجَارَةِ فِيمَا، إذَا كَانَ الْعَمَلُ مَعْلُومًا وَيَمْنَعُ صِدْقَ الْإِجَارَةِ بِالْجِعَالَةِ فِي ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي الشَّارِحِ، فَإِنْ قُيِّدَ كُلٌّ مِنْ التَّعْرِيفَيْنِ بِقَوْلِنَا بِلَفْظِ جِعَالَةٍ، أَوْ لَفْظِ إجَارَةٍ أَشْكَلَ بِمَا يَصْلُحُ لِكُلٍّ مِنْهَا بِأَنْ قَالَ: اعْمَلْ كَذَا وَلَك عَشَرَةٌ وَقَبِلَ الْآخَرُ وَسَيَأْتِي فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى، وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ كُلٌّ مِنْ التَّعْرِيفَيْنِ لِتَكَلُّفٍ زَائِدٍ، وَلَا يَنْفَعُ فِي تَعْرِيفِ الْإِجَارَةِ قَوْلُنَا بِلَفْظِ إجَارَةٍ، أَوْ نَحْوِهِ كَمَا قَالَهُ ع ش فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْهُولٍ) أَيْ: مَجْهُولٌ أَمَدُهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ مُتَعَلِّقِهِ مَعْلُومًا كَرَدِّ الْآبِقِ.

(قَوْلُهُ: إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْفَرَاغِ) فَلَوْ شَرَطَ قَبْلَ الْفَرَاغِ كَمَنْ رَدَّ كَذَا فَلَهُ كَذَا قَبْلَ الْفَرَاغِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَاسْتَحَقَّ بِالرَّدِّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَلَوْ دَفَعَهُ لَهُ بِلَا شَرْطٍ امْتَنَعَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ الْفَرَاغِ بِمَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ كَالْبَيْعِ، بِخِلَافِ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِي أَكْلٍ فَيَجُوزُ؛ لِرِضَا الدَّافِعِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ التَّسْلِيمُ، لَكِنَّهُ يَضْمَنُهُ، إذَا لَمْ يَحْصُلْ رَدٌّ؛ إذْ لَمْ يَدْفَعْهُ مَجَّانًا بَلْ لِغَرَضٍ، وَلَمْ يَحْصُلْ أَفَادَهُ ع ش. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: وَلَوْ فِي جِعَالَةِ الذِّمَّةِ، بِخِلَافِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْخُلْعِ) أَيْ: فِيمَا لَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ بِمِائَةٍ، فَإِنَّهَا تَطْلُقُ بِهَا كَمَا فِي م ر وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمَّا تَوَقَّفَ عَلَى لَفْظِ الزَّوْجِ أُدِيرَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَيُعْتَبَرُ فِيهِ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الْمُعَيِّنَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْعَمَلِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِغَيْرِهِ فَدَخَلَ فِيهِ الْعَاجِزُ الَّذِي عَلِمَ الْمَالِكُ بِعَجْزِهِ وَقْتَ الْجِعَالَةِ فَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ وَخَرَجَ الصَّبِيُّ الَّذِي لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْعَمَلِ فَلَا تَصِحُّ الْجِعَالَةُ مَعَهُ وَلَوْ قَدَرَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ مَعْدُومَةٌ فَهُوَ كَأَعْمَى اُسْتُؤْجِرَ لِحِفْظٍ بِالْبَصَرِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ كَالْكَبِيرِ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ لَاغِيَةٌ، أَمَّا غَيْرُ الْمُعَيِّنِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الصَّبِيُّ حِينَ النِّدَاءِ قَادِرًا، ثُمَّ قَدَرَ، وَرَدَّ اسْتَحَقَّ. وَفِي الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الصَّبِيُّ خِلَافٌ فَنَقَلَ م ر عَنْ الْأَنْوَارِ أَنَّهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَاعْتَمَدَهُ ع ش وَعَنْ السُّبْكِيّ وَالْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ الْمُسَمَّى وَاسْتَظْهَرَهُ الرَّشِيدِيُّ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ: لَيْسَ لَنَا عَقْدٌ صَحِيحٌ مَعَ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ إلَّا الْجِعَالَةَ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِلصِّحَّةِ إلَّا ذَلِكَ. اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015