وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ يُسَمَّيَانِ صُلْحَ الْحَطِيطَةِ.

وَالتَّصْرِيحُ بِاعْتِبَارِ الْإِقْرَارِ وَبِبَيَانِ مَحَلِّ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعِي بَيْعٌ، أَوْ إجَارَةٌ وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةٌ، أَوْ إبْرَاءٌ انْتَهَى وَقَدْ يَكُونُ الصُّلْحُ سَلَمًا بِأَنْ يَجْعَلَ الْمُدَّعَى بِهِ رَأْسَ مَالٍ وَجَعَالَةً كَقَوْلِهِ: صَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى رَدِّ عَبْدِي وَخُلْعًا كَقَوْلِهَا: صَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي طَلْقَةً وَمُعَاوَضَةً عَنْ دَمٍ كَقَوْلِهِ: صَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى مَا أَسْتَحِقُّهُ عَلَيْك مِنْ الْقِصَاصِ وَفِدَاءً كَقَوْلِهِ لِلْحَرْبِيِّ صَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى إطْلَاقِ هَذَا الْأَسِيرِ وَعَارِيَّةً كَقَوْلِهِ: صَالَحْتُك مِنْ الدَّارِ الْمُدَّعَاةِ عَلَى أَنْ تَسْكُنَهَا سَنَةً وَفَسْخًا كَأَنْ صَالَحَ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ

(وَأُلْغِيَ الصُّلْحُ إذَا لَمْ تَسْبِقْ خُصُومَةٌ) بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَأَنْ قَالَ: مِنْ غَيْرِ سَبْقِهَا صَالِحْنِي مِنْ دَارِك عَلَى كَذَا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يَسْتَدْعِي تَقَدُّمَ خُصُومَةٍ وَكَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِيَا بِهِ الْبَيْعَ وَإِلَّا فَهُوَ كِنَايَةٌ فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي الْبَيْعِ بِهَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ وَخَالَفَهُمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَطَعَ بِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَلَيْهِ لِمُنَافَاةِ اللَّفْظِ لَهُ كَقَوْلِهِ وَهَبْتُك بِعَشَرَةٍ لَا يَصِحُّ إذَا نَظَرْنَا إلَى اللَّفْظِ.

وَإِنْ نَوَيَا الْبَيْعَ قَالَ السُّبْكِيُّ: إلَّا أَنَّ هَذِهِ اُسْتُعْمِلَ فِيهَا اللَّفْظُ فِي غَيْرِ مَعْنَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَفِي قَوْلِهِ: صَالِحْنِي اسْتَعْمَلَهُ فِي مَعْنَاهُ لَكِنْ بِدُونِ شَرْطِهِ فَيُصَارُ إلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَيَلْغُو الصُّلْحُ أَيْضًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ مَا أَتْلَفَهُ الْخَصْمُ لِزِيَادَتِهِ عَلَى الْوَاجِبِ فَكَانَ كَمَنْ غَصَبَ دِينَارًا فَصَالَحَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ (لَا إنْ بِبِعْنِي يَنْطِقْ) مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ أَيْ لَا إنْ نَطَقَ فِيمَا إذَا لَمْ تَسْبِقْ خُصُومَةٌ بِبِعْنِي بَدَلَ صَالِحْنِي فَإِنَّهُ لَا يَلْغُو الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَا يَسْتَدْعِي سَبْقَ خُصُومَة

(وَ) الصُّلْحُ (مِنْ مُؤَجَّلٍ وَذِي كَسْرٍ) أَيْ وَمِنْ مُكَسَّرٍ (عَلَى دَيْنِ) بِالتَّنْوِينِ وَبِتَرْكِهِ (حُلُولٍ) أَيْ حَالٌّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُؤَجَّلِ.

(وَ) عَلَى (صَحِيحٍ) فِي مَسْأَلَةِ الْمُكَسَّرِ كَأَنْ صَالَحَ فِي الْأُولَى مِنْ عَشَرَةٍ عَلَى خَمْسَةٍ حَالَّةٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مِنْ عَشَرَةٍ مُكَسَّرَةٍ عَلَى خَمْسَةٍ صَحِيحَةٍ (بَطَلَا) ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ مِنْ الْمَدِينِ بِإِسْقَاطِ الْأَجَلِ، وَالتَّكْسِيرِ وَهُمَا لَا يَسْقُطَانِ. نَعَمْ مَنْ عَجَّلَ الْمُؤَجَّلَ وَأَدَّى الصَّحِيحَ عَنْ الْمُكَسَّرِ وَقَبِلَهُ الدَّائِنُ سَقَطَ الْأَجَلُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ الصُّلْحُ سَلَمًا) كَالصَّرِيحِ فِي انْعِقَادِ السَّلَمِ بِلَفْظِ الصُّلْحِ فَقَوْلُهُمْ فِي حَدِّهِ بِلَفْظِ السَّلَمِ يُزَادُ عَلَيْهِ، أَوْ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ: سَلَمًا) أَيْ حَقِيقَةً إنْ وُجِدَ لَفْظُ السَّلَمِ وَإِلَّا فَحُكْمًا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ تَسْكُنَهَا سَنَةً) أَيْ أَنْتَ أَيُّهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْمُسْتَعِيرُ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: قَالَ: الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: لِمُنَافَاةِ اللَّفْظِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ إلَخْ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ جِنْسِهَا قَالَ: بِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا بِغَيْرِ جِنْسِهَا اهـ (قَوْلُهُ: فَصَالَحَ بِأَكْثَرَ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي فَسَادِ هَذَا الصُّلْحِ (قَوْلُهُ: وَيَتْرُكُهُ) الْمُنَاسِبُ لِهَذَا عَدَمُ تَأْوِيلِ الْحُلُولِ بِحَالٍّ (قَوْلُهُ: بَطَلَا) وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَحَاصِلُهُ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (فَرْعٌ)

لَوْ صَالَحَ عَنْ حَالٍّ بِمُؤَجَّلٍ وَعَنْ صِحَاحٍ بِمُكَسَّرٍ وَعَكْسِهِ بَطَلَ وَإِنْ عَجَّلَ، أَوْ دَفَعَ الصِّحَاحَ جَازَ فَإِنْ ظَنَّ صِحَّةَ الصُّلْحِ وَوُجُوبَ التَّعْجِيلِ فَلَهُ الِاسْتِرْدَادُ وَإِنْ صَالَحَ عَنْ حَالٍّ بِنِصْفِهِ مُؤَجَّلًا صَحَّ الْحَطُّ لَا التَّأْجِيلُ، أَوْ عَكْسُهُ بَطَلَا اهـ.

وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمَتْنِ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فَقَوْلُهُ: وَالْحَطُّ مَعَ هَذَا ثُمَّ قَوْلُهُ: دُونَ حَطٍّ أَيْ إنْ كَانَ هُنَاكَ حَطٌّ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ تَمْثِيلَ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ التَّمْثِيلَ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُخَصَّصَ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَقَبِلَهُ الدَّائِنُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَبُولُ فَيُفَارِقُ الْأَجْوَدُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQكَوْنَهُ مُعَيَّنًا غَلَبَ لَفْظُهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَقْوَى وَأَمَّا لَفْظُ الصُّلْحِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ شَرْعًا لِعُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِحَسَبِ الْمَعْنَى لَا غَيْرُ فَلَيْسَ لَهُ مَوْضُوعٌ خَاصٌّ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ لَفْظُهُ حَتَّى يَغْلِبَ فِيهِ فَتَعَيَّنَ فِيهِ بِحُكْمِ الْمَعْنَى لَا غَيْرُ اهـ فَإِذَا كَانَ الْمُصَالَحُ بِهِ دَيْنًا فَقَدْ نَاسَبَ السَّلَمَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الدَّيْنِيَّةَ فَجُعِلَ عَقْدَ سَلَمٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ كَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ بِهِ نَقْدًا فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ أَنْ لَا يَكُونَ مُسْلَمًا فِيهِ بَلْ ثَمَنًا فَجُعِلَ عَقْدَ بَيْعٍ. أَفَادَهُ ع ش فَتَأَمَّلْهُ، فَبِهِ يَنْدَفِعُ تَوَقُّفُ ق ل وَسم عَلَى حَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ الصُّلْحُ سَلَمًا) أَيْ إنْ صَالَحَهُ عَلَى عَيْنٍ مَوْصُوفَةٍ بِصِفَةِ السَّلَمِ فَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ السَّلَمِ فَسَلَمٌ حَقِيقَةً وَإِلَّا فَسَلَمٌ حُكْمًا. قَالَهُ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فَإِنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ دَيْنًا فَهُوَ بَيْعٌ، وَلَا يُنَافِيه مَا مَرَّ فِي بَابِ السَّلَمِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي النَّقْدَيْنِ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَهُمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا جَرَى الْعَقْدُ بِلَفْظِ السَّلَمِ، وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُحْمَلْ عَلَى السَّلَمِ مَعَ صَلَاحِيَتِهِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي النَّقْدِ أَنْ لَا يَكُونَ مُسْلَمًا فِيهِ بَلْ يَكُونُ ثَمَنًا وَلَمَّا كَانَ لَفْظُ الصُّلْحِ مُحْتَمِلًا لِلْبَيْعِ وَغَيْرِهِ حُمِلَ عَلَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُجْعَلَ الْمُدَّعَى بِهِ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ) قَالَ: سم عَلَى التُّحْفَةِ قَدْ مَرَّ فِي بَابِ السَّلَمِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ مَالِهِ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ لِتَعَذُّرِ قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا وَيَكُونُ قَبْضُهَا بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ وَأَمَّا تَخْصِيصُ مَا تَقَدَّمَ بِغَيْرِ لَفْظِ الصُّلْحِ فَبَعِيدٌ جِدًّا لَا وَجْهَ لَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا اسْتَحَقَّهُ إلَخْ) الْمُوَافِقُ لِلْقَاعِدَةِ عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيَّ مِنْ قِصَاصٍ فَيَكُونُ الْقِصَاصُ مَأْخُوذًا وَكَذَا مَتْرُوكًا

(قَوْلُهُ: وَأُلْغِيَ الصُّلْحُ إذَا لَمْ تَسْبِقْ خُصُومَةٌ) أَيْ إذَا كَانَ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَأَجْنَبِيٍّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِك وَهَبْتُك بِعَشَرَةٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ النَّظَرَ لِلَّفْظِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْهِبَةِ يُنَافِي الْبَيْعَ وَرُدَّ بِأَنَّ الْهِبَةَ تُنَافِي الْبَيْعَ بِخِلَافِ الصُّلْحِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بَيْعٌ وَلَوْ جَرَيْنَا عَلَى الضَّعِيفِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: اسْتَعْمَلَهُ فِي مَعْنَاهُ) ؛ لِأَنَّ مِنْ مَعَانِيه الْبَيْعَ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ شَرْعًا لِعُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ

(قَوْلُهُ: سَقَطَ الْأَجَلُ إلَخْ) إلَّا إنْ ظَنَّ صِحَّةَ الصُّلْحِ فَلَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ فَيَسْتَرِدُّ مَا دَفَعَهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ. اهـ. شَرْحُ مَنْهَجٍ وَاعْتَمَدَهُ م ر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015