ويشهد له ما ثبت في " الصحيحين " عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: " ما نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ ومَا أمَرْتُكُم بِهِ فأتُوا مِنْه ما اسْتَطَعْتُمْ، فَإنَّما أهْلَكَ: مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهمْ واختلافُهُم على أنْبِيَائِهِمْ " (?).

وهذا مِن جملةِ ما سَكَتَ الله عنه ورسولُه، ولم يَحْصُلْ فيه قياسٌ صحيحٌ يقْوَى على تخصيصِ هذه العموماتِ، وَقَدْ أذِنَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لجماعةٍ منْ أصْحَابِهِ بالقضاءِ والفُتيا، وَسَكَتَ عن هذَا ولم يُبَيِّن لهم أنَّه شرطٌ في ذلك.

وقد ثبت بالإجماع أنَّ علينا أن نَقْضِيَ بكتاب اللهِ، ثم بِسُنَّة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه سنةُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دلَّت على أن الله سَكَتَ عن إيجابِ حفظِ أقوالِهِ وأقوالِ رسولِهِ رحمةٌ لنا مِنْ غيرِ نسْيَانِ، فَقَبِلْنَا رحمَة اللهِ تعالى لنا، وَشَكَرْنَا نعمته سبحانَه علينا، ولم نَتعَرَّضْ لِمَا لم نُؤْمرْ به في كتابِ ربِّنا ولا في سُنَّةِ نَبِيِّنا، ولم نَكُنْ مِن الَّذِينَ قَال الله تعالى فيهم: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} (?) [النساء: 66].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015