(وَمَنْ قُتِلَ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ بَاذِلٌ نَفْسَهُ لِإِيفَاءِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ، وَشُهَدَاءُ أُحُدٍ بَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ لِابْتِغَاءِ مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَلْحَقُ بِهِمْ
(وَمَنْ قُتِلَ مِنْ الْبُغَاةِ أَوْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْبُغَاةِ.
(الصَّلَاةُ فِي الْكَعْبَةِ جَائِزَةٌ فَرْضُهَا وَنَفْلُهَا) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِيهِمَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ وَيُعْرَفُ فِي الْجِنَايَاتِ.
وَقَوْلُهُ (وَمَنْ قُتِلَ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ غُسِّلَ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ مَاعِزًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا رُجِمَ جَاءَ عَمُّهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: قُتِلَ مَاعِزٌ كَمَا تُقْتَلُ الْكِلَابُ فَمَاذَا تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ بِهِ؟ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: لَا تَقُلْ هَذَا فَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ تَوْبَتُهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَوَسِعَتْهُمْ، اذْهَبْ فَغَسِّلْهُ وَكَفِّنْهُ وَصَلِّ عَلَيْهِ» وَلِأَنَّهُ بَاذِلٌ نَفْسَهُ لِإِيفَاءِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ لِأَنَّهُمْ بَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَلَا يُلْحَقُ بِهِمْ.
وَقَوْلُهُ (وَمَنْ قُتِلَ مِنْ الْبُغَاةِ أَوْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُصَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ، إلَّا أَنَّهُ مَقْتُولٌ بِحَقٍّ فَهُوَ كَالْمَقْتُولِ فِي رَجْمٍ أَوْ قِصَاصٍ. وَلَنَا أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْبُغَاةِ وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ فَقِيلَ لَهُ: أَهُمْ كُفَّارٌ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنَّهُمْ إخْوَانُنَا بَغَوْا عَلَيْنَا أَشَارَ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ الْغُسْلَ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ عُقُوبَةً لَهُمْ وَزَجْرًا لِغَيْرِهِمْ، وَهُوَ نَظِيرُ الْمَصْلُوبِ يُتْرَكُ عَلَى خَشَبَةٍ عُقُوبَةً لَهُ وَزَجْرًا لِغَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ بَابِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَجْهُ تَأْخِيرِ هَذَا الْبَابِ فَلَا نُعِيدُهُ (الصَّلَاةُ فِي الْكَعْبَةِ جَائِزَةٌ فَرْضُهَا وَنَفْلُهَا) عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.
قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: كَأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ وَقَعَ سَهْوًا مِنْ الْكَاتِبِ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ يَرَى جَوَازَ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا؛ وَكَذَا أَوْرَدَهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي كُتُبِهِمْ، وَلَمْ يُورِدْ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَائِنَا أَيْضًا هَذَا الْخِلَافَ فِيمَا عِنْدِي مِنْ الْكُتُبِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ مَا إذَا تَوَجَّهَ إلَى الْبَابِ وَهُوَ مَفْتُوحٌ، وَلَيْسَتْ الْعَتَبَةُ مُرْتَفِعَةً قَدْرَ