. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

وَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذَا الْكِتَابِ بِمَا تَقَدَّمَ قَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْإِقْرَارِ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ الْعَارِيَّةَ وَالْهِبَةَ وَالْإِجَارَةَ لِلتَّنَاسُبِ بِالتَّرَقِّي مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ أَمَانَةٌ لَا تَمْلِيكٌ بِشَيْءٍ.

وَفِي الْعَارِيَّةِ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ بِلَا عِوَضٍ، وَفِي الْهِبَةِ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ بِلَا عِوَضٍ، وَفِي الْإِجَارَةِ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ، وَهِيَ أَعْلَى مِنْ الْهِبَةِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ وَاللَّازِمُ أَقْوَى وَأَعْلَى مِمَّا لَيْسَ بِلَازِمٍ.

وَمِنْ مَحَاسِنِهَا اشْتِمَالُهَا عَلَى بَذْلِ مَنَافِعِ بَدَنِهِ وَمَالِهِ فِي إعَانَةِ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتِيجَابِهِ الْأَجْرَ وَالثَّنَاءَ عَلَى ذَلِكَ.

وَسَبَبُهَا تَعَلُّقُ الْبَقَاءِ الْمَقْدُورِ بِتَعَاطِيهَا مِنْ حَيْثُ التَّعَاضُدُ وَقَدْ مَرَّ مِرَارًا.

وَمَشْرُوعِيَّتهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] بِإِطْلَاقِهِ.

وَتَفْسِيرُهَا لُغَةً التَّرْكُ، وَسُمِّيَتْ الْوَدِيعَةُ بِهَا لِأَنَّهَا تُتْرَكُ بِيَدِ أَمِينٍ.

وَفِي الِاصْطِلَاحِ التَّسْلِيطُ عَلَى حِفْظِ الْمَالِ.

وَرُكْنُهَا: أَوْدَعْتُك هَذَا الْمَالَ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهَا فِعْلًا كَانَ أَوْ قَوْلًا وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُودَعِ حَقِيقَةً أَوْ عُرْفًا، فَإِنَّ مَنْ وَضَعَ ثَوْبَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَجُلٍ وَقَالَ هَذَا وَدِيعَةٌ عِنْدَك وَذَهَبَ صَاحِبُ الثَّوْبِ ثُمَّ غَابَ الْآخَرُ وَتَرَكَ الثَّوْبَ ثَمَّةَ فَضَاعَ كَانَ ضَامِنًا، لِأَنَّ هَذَا قَبُولٌ لِلْوَدِيعَةِ عُرْفًا.

وَشَرْطُهَا: كَوْنُ الْمَالِ قَابِلًا لِإِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْإِيدَاعَ عَقْدُ اسْتِحْفَاظٍ وَحِفْظُ الشَّيْءِ بِدُونِ إثْبَاتِ الْيَدِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ، فَإِيدَاعُ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالْعَبْدِ الْآبِقِ غَيْرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015