فلم يصنع شيئاً، وكان يمكنه أن يجعل مكان دهر حولا؛ فتكون قسمة مستوية، ولكنا هكذا رويناه.

ومن جيد ما وقع في المنثور من المقابلة قول بعض الكتاب فإن أهل الرأي والنصح لا يساويهم ذوو الأفن والغش، وليس من يجمع إلى الكفاية الأمانة كمن أضاف إلى العجز الخيانة ومن كلام إبراهيم بن هلال الصابي وأعد لمحسنهم جنة وثواباً، ولمسيئهم ناراً وعقاباً.

وقال أبو الفتح محمود بن حسين كشاجم:

تريك الحسن والإحسان وقفاً ... إذا برزت لنا وإذا تغيب

ومما عابه الجرجاني على ابن المعتز:

بياض في جوانبه احمرارٌ ... كما احمرت من الخجل الخدود

لأن الخدود متوسطة وليست جوانب؛ فهذا من سوء المقابلة، وإن عده الجرجاني غلطاً في التشبيه، وإنما العلة في كونه غلطاً ما ذكرناه..

ومن المأخوذ المعيب عندي قول الكميت يخاطب قضاعة:

رأيتكم من مالك وادعائه ... كرائمة الأولاد من عدم النسل

فوقع تشبيهه على الادعاء والرثمان خاصة، لا على صحة المقابلة في الشبهين؛ لأن هؤلاء فيما زعم يدعون أبا، والرائمة تدعى ولداً، وهما ضدان.

والصواب قول الآخر يهجو كاتباً، أنشده الجاحظ:

حمار في الكتابة يدعيها ... كدعوى آل حرب في زياد

وقال أبو نواس:

أرى الفضل للدنيا وللدين جامعاً ... كما السهم فيه فوق والريش والنصل

فزاد في المقابلة قسماً؛ لأنه قابل اثنين بثلاثة.

وكذلك قول أبي قيس ابن الأسلت:

الحزم والقوة خير من ال ... إدهان والفكة والهاع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015