عن الله بسببها، وبمقتضى صفة الرحمة كان على الله أن يغفر سيئات البشر، ولم يكن هناك من طريق للجمع بين العدل والرحمة إلا بتوسط ابن الله ووحيده وقبوله في أن يظهر في شكل إنسان، وأن يعيش كما يعيش الإنسان، ثم يصلب ظلماً ليكفّر عن خطيئة البشر1.

وقد ورد في العهد الجديد ما نصه: "وإن ابن الإنسان قد جاء ليخلص ما قد هلك، فبمحبته ورحمته قد صنع طريقاً للخلاص، لهذا كان المسيح هو الذي يكفّر عن خطايا العالم، وهو الوسيط الذي وفق بين محبة الله تعالى وبين عدله ورحمته، إذ إن مقتضى العدل أن الناس كانوا يستمرون في الابتعاد عن الله بسبب ما اقترف أبوهم، ولكن باقتراف العدل والرحمة وبتوسط الابن الوحيد، وقبوله للتكفير عن خطايا الخلق، قرب الناس من الرب بعد الابتعاد"2.

فهذه الأناجيل تذكر أن أهم الأغراض التي ظهر من أجلها المسيح ابن مريم أو المسيح ابن الله - على زعمهم - هو أن يكفر بدمه الخطيئة التي ارتكبها آدم - عليه السلام - والتي انتقلت بطريق الوراثة إلى جميع نسله، وأنه صلب بالفعل، فحقق بذلك أهم غرض ظهر من أجله.

والقرآن يرد على هذه الفرية، ويبين أن آدم عليه السلام قد أناب إلى الله تعالى واستغفر من خطيئته التي ارتكبها إذ أكل من الشجر فغفرها الله له، وأن الخطيئة لا يحمل وزرَها غير مقترفها، قال تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} 3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015