النفسية الشرسة التي نسميها "الغزو الفكري" تلك التي استهدفت مقومات وجودنا وأسس أصالتنا.

وجاءت طلائع الغزو الفكري -كما هو الحال في سبل الشيطان- متعددة الشعارات، متباينة الاتجاهات، عليها من البهرجة والبريق ما يكفي لتضليل وإغراء أمة منبهرة مهزوزة.

جاءت الاشتراكية والقومية والوطنية والديمقراطية والحرية وفلسفة التطور واللادينية، وغيرها من المسميات والشعارات، وسرت عدوى هذه الأوبئة سريان النار في الهشيم، وتغلغلت في العقول والقلوب التي فقدت رصيدها من (لا إله إلا الله) أو كادت، وتربت على ذلك أجيال ممسوخة هزيلة، أخذت على عاتقها مهمة تعبيد أمتها للغرب والإجهاز على منابع الحياة الكامنة فيها.

ومرت في مطلع هذا القرن حقبة مظلمة، راجت فيها سوق الأفكار الموبوءة والمذاهب المنحرفة، حتى أظهر أعداء الإسلام تفاؤلهم بأن هذه الأمة ستلفظ أنفاسها عما قليل.

ولكن الله تعالى رد كيدهم في نحورهم، وأنبت في وسط الركام والظلام رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فانفجرت في كل بلد إسلامي حركة جهادية، وانبثق من تلك الحركات فكر أصيل يستمد من الكتاب والسنة مباشرة، مهتدياً بالوثبات التجديدية التي لم يخل منها عصر من عصور الإسلام، وتكمن قوة هذا الفكر -بل حياته- في سر واحد فقط، هو إدراك أن سبب انحطاط هذه الأمة هو انحرافها عن حقيقة "لا إله إلا الله" وأن الطريق إلى بعثها يبتدئ من تصحيح مفهوم هذه الكلمة وما تفرع منها، وإزالة ما علق في ذهن الأمة حولها من غبش واضطراب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015