أما الإنسان فانه من جهة أخرى قد شيد الاهرام بمضاعفة القوة الفردية، ولكنه كذلك اكتشف الرافعة والطنبور، والعجلة، والنار. وقد جعل حيوانات الحمل مستأنسة، وأضاف اليها عجلته، وبذا أطال في ساقيه، وقوى من ظهره. وقد تغلب على قوة سقوط الماء، وتحكم في البخار والغاز، والكهربا، وحول العمل اليدوي إلى مجرد السيطرة على الاجهزة الميكانيكية التي هي من مستحدثات عقله. وهو في انتقاله من مكان إلى مكان، قد فاق الظبي في سرعته، وحين ركب اجنحة لعربته، قد سبق الطيور في طيرانها، فهل حدث ذلك كله عن طريق تفاعل في المادة وقع مصادفة؟

والجمال يبدو ملازماً للطبيعة، وجمال السحب، وقوس قزح، والسماء الزرقاء، والبهجة الرائعة التي تملا نفس الناظر إلى النجوم، والى القمر في طلوعه، والشمس في غروبها، والى روعة الظهر الفائقة، كل ذلك يهز مشاعر الإنسان ويسحره.

وتحت الميكروسكوب تجد أصغر حيوان وأدق زهرة، تزينها خطوط من الجمال محكمة الصنع.

والخطوط البلورية التي للعناصر والمركبات، من ندفة الثلج إلى الاشكال الأصغر منها، إلى ما لا نهاية، هي مصادفة لدرجة مدهشة، حتى ان الفنان ليس بوسعه إلا اني يقلدها أو يجمعها معا.

وكل ورقة من أوراق كل شجرة سليمة مشكلة في أكمل شكل، وتخطيط كل نبات يعمل بصفة فردية، وبخطوط فن أصيل، والازهار مشكلة برشاقة وبتنظيمات كاملة، وتخطيطها وفق تصميمات صحيحة، والوانها موزعة بشكل مدهش، ومن النادر، ان لم يكن من المحال، ان تختلط معاً.

والحيوان الكامل هو شيء جميل، وحركاته مملوءة بالسهولة والرشاقة. وحينما تطور مخلوق عن طريق المطابقة الضرورية البيئة والوقاية، وبدا غير متناسب الشكل، فانه يبدو فريدا في نوعه حتى ليحسبه الناظر اليه تعبيرا فنيا عن احدى المضاحك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015