الدليل الأول: أن ذلك من ربا النسيئة؛ لأنه بمعنى إما أن تقضي وإما أن تربي، وذلك أن مآل عقد التورق الثاني لسداد دين التورق الأول: أن المدين قد استقر في ذمته دين أكثر من الدين الأول مع زيادةِ مدةِ السداد، فكأنه زاده في الدين ليزيد في الأجل.

الدليل الثاني: ما ورد من الإجماع في تحريم بيع الدين بالدين (?).

المناقشة: محل الإجماع ابتداء الدين بالدين، ومسألتنا من فسخ الدين في الدين، ومعنى ابتداء الدين بالدين، وهو الواجب بالواجب، بيع ما في الذمة بشيء في الذمة كتأجيل رأس مال السلم (?).

الجواب: أن ابتداء الدين داخل في الإجماع، وكذلك هذه الصورة من فسخ الدين داخلة فيه، جاء في "تكملة المجموع": (... يؤول هذا إلى تفسير بيع الدين بالدين المجمع على منعه -يعني ما نحن فيه- وهو أن يكون للرجل على الرجل دين فيجعله عليه في دين آخر مخالف له في الصفة أو في القدر، فهذا هو الذي وقع الإجماع على امتناعه، وهو في الحقيقة بيع دين بما يصير دينًا) (?).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: أن الأصل في المعاملات الجواز والصحة، وليست هذه المعاملة من قلب الدين المحرم شرعًا، بل هي وسيلة تُيسِّر على المدين سداد دينه وبراءة ذمته مقابل دين جديد مؤخر إلى أجل آخر، دون أن يحصل الدائن على زيادة من استبدال الدين الساقط بالدين الواجب الجديد.

المناقشة: الواقع حصول الزيادة، وبذلك تدخل المسألة في قلب الدين، ومما يدعو للتهمة وقصد الزيادة في الدين أن يكون التورق الثاني من البائع الأول، فإن المتورق إذا لم يرد إلا التخلص من الدين فلا فرق عنده بين أن يكون من البائع الأول أو غيره، كما أن الواقع أن ذمة المتورق لا تبرأ بل تزداد شغلا، ومتى أمكن عدم الزيادة انتفى المحظور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015