فالتفت ابن حمير إلى أبن العطار وقال ارتجالاً:

متشعر بعمامة معقودة ... لو بعثرت ملت الفضاء خميرا

وأبوك عطار فما بال ابنه ... يهدي الصنان إلى الرجال بخورا

قال وكان به شيء من ذلك. فضحك السلطان نور الدين وقال: أجبه فأفحم. وحضر في مجلس الشراب يوماً عند السلطان نور الدن وكان عنده يومئذ ابن أخيه الأمير أسد الدين. وكان للأمير أسد الدين شاعر من أهل المشرق يقال له علي بن أحمد فجعل أسد الدين يثني على شاعره المذكور. فقال السلطان نور الدين لابن حمير ما تقول. فقال ارتجالاً.

أنا البحر فياضاً بكل غريبة ... أحلى بها المنصور درّاً وجوهرا

وما أن أبالي عن عليّ بن أحمد ... وعن شعره ذقن ابن أحمد في المسك

فقال له السلطان نور الدين: وما منعك من قافية الراءِ. قال خوف ابن أخيك هذا: وكان ابن حمير شاعراً فصيحاً جيد القريحة حسن البديهة وهو القائل في مدح مولانا السلطان نور الدين حيث يقول:

قد قيل جاورْ لتغني البحر أو ملكاً ... أنت المليك وأنت البحر يا عمرُ

ما حاز ما حزت لا عربُ ولا عجم ... ما شاد ما شدت لا جن ولا بشرُ

إذا الجدود بهم أبناؤُهم شرفوا ... أو فاخروا فبك الأجداد تفتخرُ

والكل أنت وفيك السر أجمعهُ ... فلا يغرَّنك أن غابوا وإن حضروا

عزُّوا بعزّك أولاهم وآخرهم ... كما بأحمد عزت كلها مضرُ

وقال أيضاً يمدحه من قصيدة أخرى

قل للقوافي قفي على عمر ... إياك أن تخدعي فتنخدعي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015