إذا رفلوا لم يعرفوا البيض منهم ... سرابيلهم من مثلها والعمائم

ثم جرد العساكر إلى زبيد يتلو بعضها بعضاً. فلما علم السلطان بذلك جمع أَكابر أهل دولته وفرَّق فيهم الأموال وأمرهم باستخدام الرجال وحمل للأمير بهاءِ الدين حملاً وعلماً وأَمرهُ بالتقدم إلى زبيد. واستوزر القاضي جمال الدين محمد بن حسان. وتقدم ابن سمير في عسكر ابن ميكائيل يريد زبيد فكان وصوله إلى زبيد يوم الخميس الثاني عشر من شهر رجب في نحو سبعمائة فارس ورَجْل لا ينحصر. فلما حط في العرق قبالة زبيد تقدم من أصحابه أهل عشر من الخيل يطلبون الذمة ويستأْذون في الخدمة. وكان القائم يومئذ في زبيد أبو بكر بن علي بن مبارك الملقب ناصح الدين. وكان رجلاً عاقلاً وقوراً شديد البأْس حسن السياسة كريم النفس فأَذَمَّ للواصلين وكساهم للفور جميعاً وأَنفق عليهم نفقة جيدة وأضمر بالقيام على دوابهم وأَجرى لهم ما يقوم بكفايتهم بكرة وعشية. ولما أصبح ابن سمير يوم الجمعة ركب في عسكره إلى باب المدينة فقاتله أهل زبيد قتالاً شديداً إلى أن حمى النهار وافترق الناس. فلما كان عشي يوم الجمعة خرج عسكر زبيد من الباب الشرقي وهو باب الشبارق. وركب ابن سمير في عسكره ومن معه من الخيل والرجل واشتد القتال إلى أن غربت الشمس فقتل من كل فريق جماعة وانهزم العسكر السلطاني وثبت ناصح الدين بن مبارك ثباتاً حسناً وثبتت معه جماعة من العسكر حتى رجع العدو ولم يظفر بشيءٍ وأَمسى الناس في تلك الليلة في حراسة شديدة وحزم عظيم وأَصبحوا يوم السبت على مصافهم من غير قتال فاستذم جماعة من الرَّجل ودخلوا المدينة. فلما كان ليلة الأحد وصل رسول جماعة من الأشراف إلى القاضي ناصح الدين يطلبون الذمة فأَذم عليهم وعرَّف رسولهم أن يصلوا إلى ناحية باب القرتب ليلاً فلما وصلتهم الذمة خرجوا في ليلتهم من المحطة يتسللون وقصدوا باب القرتب ففتح لهم فدخلوا وكانوا نحواً من سبعين فارساً فكساهم القاضي ناصح الدين وأَنفق عليهم كما أَنفق على أصحابهم فلما اصبح يوم الأحد الخامس عشر من الشهر المذكور علم ابن سمير بما كان من الأشراف فاستوحش من بقية العسكر ولم يأمن إليهم ولا وثق بأحد منهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015