جريبة قال: لما وصل الملك المسعود من الديار المصرية وعبر طريق خبت القحرية كان على قارعة الطريق شيخان من المشائخ الصالحين أحدهما المغيث والآخر الهدس فقال أحدهما: هل ترى ما أرى. فقال له صاحبه: وما ترى قال: أرى شخصاً أن سار العسكر جميعه وإن وقف المعسكر جميعه فقال له صاحبه: لعل ذلك المسعود فقال له: لا بل هو الملك المسعود عمر بن عيّ بن رسول والملك في عقبه إلى آخر الدهر قال صاحب السيرة: وسمعت الحكاية بعينها من جدّي رحمه الله.

ويروى أن رجلاً كان على جبل الموسم وهو جبل صغير منفرد في خبت العسلقية من نواحي سهام. وكان الرجل يحرش شجراً من العطب له هنالك بالليل. وقد أقبل الملك المسعود في عسكره وطبلخانته. فسمع الرجل نحب الطبلخانة والعسكر. فقعد متعجباً. فسمع قائلاً يقول وهو قريب من اجبل:

أقبَلَ مثل السهم يزجيه الوترْ ... ليس له من ملكه سوى السفرْ

هيهات في الأيام طيات أُخر قال: فقصدت موضع الصوت فلم أر شيئاً ولا وجدت أحداً فعلمت أنه من الجن وعلمت أن ملك الملك المسعود لسواه ويحكى أن الشيخ الصالح محمد بن أبي بكر الحكمي صاحب عواجة رأى راية الملك المسعود يوم وصوله من مصر فقال: هذه آخر راية تصل من مصر إلى اليمن.

فصل

ولما توفي الملك المسعود في التاريخ المذكور ووصل علم موته إلى اليمن قام السلطان نور الدين قياماً كلياً واضمر الاستقلال بالملك وأظهر أنه نائب للمسعود: ولم يغير سكةً ولا خطبةً: وجعل يولي في الحصون والمدن من يرتضيه ووثق به ويعزلُ من يخشى منه خلافاً: ومن ظهر منه عصيان أو خلافُ عمل في قتلهِ وأسره.

وكان السلطان نور الدين من أهل العزم والحزم جواداً كريماً سريع النهضة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015