العقد المفصل (صفحة 221)

رشق القلب يا خليلي عمداً ... بسهام اللحاظ لا بالسهام

فعيوني من هجره في انهمال ... وفؤآدي من حبّه في اضطرام

خدّه أخجل الورود وأزرى ... لحظه البابليُّ بالآرام

وله زيد علاه:

أنا أشجيت يا منى حوبائي ... بمناحي حمامة الجرعاء

وففضحت البروق عند زفيري ... وبدمعي مدامع الأنواء

صوّح الروض من زفيري لو لم ... يجر من مقلتي بفيض الماء

ولقد زوَّر الخيال لعيني ... طيف ظبي بالكرخ والزوراء

يا منائي أين الليالي اللواتي ... بك راقت وهل سواك منائي

أنا راض ولو بطعن فؤادي ... منك دلاًّ بالقامة الهيفاء

أنا لا أختشي سوى فتك سيف ... غمده جفن عينك النجلاء

لا تسلني يا ريم عن داء قلبي ... إنّ من نجلك المريضات دائي

عمرك الله حيّني بسلام ... واحي قلبي بالريقة اللعساء

وله دام مجده:

قدَّك يا ريم الحمى بانه ... فتنثني أم ساق ريحانه

فامرح بإبراد الصبا لاهياً ... ودع معناك واشجانه

صرعنني أجفانه بالحمى ... لمّا سبت باللحظ غزلانه

وراك عن لومي يا لائمي ... لا يملك المشتاق سلوانه

هل كيف نيران الحشا تنطفي ... وحبّه أسعر نيرانه

أم كيف أصحو من خمار الهوى ... وقامة المحبوب نشوانه

فتنت حبّاً يالقومي به ... وعينه النجلاء فتّانه

ومن قوله:

أرقت ولي بين الخيام مغنّج ... يخامره من ناظريه مدام

رماني بألحاظ فأصمى بها الحشا ... وما ذاك إلاّ أنّهنّ سهام

فبلّغه إن هزّتك من أريحيّة ... شمول قفاها نشوة وغرام

سلام مشوق كلّما رقّق الصبا ... حواشيه أو ما راق منه سلام

وقال أيضاً أيّده الله تعالى:

وليلة جلببتها برد أنوار ... نضّارة الأُفق عن هالات أقمار

بيضاء قد باهلت خضرائها فارت ... حمراء دجلة فيها جدَّ أسفار

قد زخرفت جبهات الأُفق فانتظمت ... بها الكواكب من راس ومن سار

ولوح ابن علاّط في مجرّتها ... كأنّه زورق يجري بأنهار

كأنَّ ما نظمته نثر منتظم ... وأنَّ ما نثرته نظم أنثار

فذي بدجلة ما قد أبدعته وها ... أبراجها مثلاً بالصفو والجاري

ياليلةً صفو عيشي في هواك صفا ... لا شاب صفوك توديع بأكدار

يروقني منك للطاووس أجنحة ... ترفُّ لكنّما ارتاشت بأزهار

سهرتها والأماني الغرّ تحدق بي ... وبتها ونجوم الليل سمّاري

بساحة لثمت خدّي شقايقها ... فوردته نسيمات من الساري

فرشنها سوسناً أيدي الربيع فإن ... فوفن بالورد وشاها بنوّار

أذكى الشقايق فيها مثل ماالتهبت ... في وفرة الليل إقباس من النّار

أحال ريّا خاماها يداً حملت ... مجامراً أوقدتها المندل الداري

باهى بها الأُفق حتّى لو أعدَّ له ... أسحاره ثمّ لاقاها بأبكار

لم أقض من صفوها لا والهوىوطري ... وكم قضيت من العلياء أوطاري

وكم سكرنا ولم نشرب بكاس طلا ... وكم طربنا ولم نضرب بأوتار

إذ راح فيها حمام الأيك يسمعني ... نقر المزاهر أو تنغيم مزمار

وروح القلب فيها نشر سارية ... من النسيم استشالت ذيل أسحار

فضوّعت بشذاها أفق ساحتنا ... كما تضوع بنشر الحمد أطماري

وبات سيّار ركب القلب يذكر لي ... في مهمه الحب إدلاجاً لأكوار

فيا رشا بضميري طاب مرتعه ... لم يجد في كتم سرّ الحبّ أضماري

هتكت أستار ليل الهجر مبتسما ... بطلعة هتكت في الوصل أستاري

فإن أطقت زماناً كتم عالجتي ... على هواك فقد نمّت بأسراري

أثرن نقع هيامي خيل عاذلتي ... على هواه فلم يقفين آثاري

مهفهف القدّ قاني الخدّ ذو هيف ... حلو المعاطف مجدول بزنّار

لم أدر ما شعّ في خدّيه من قبس ... أمن لظى القلب أم من جذوه النّار

وما هداني من وضّاح مبسمه ... أكاس صهباءَ أم مقباس أنوار

فاسكر الصبّ وهناً من محاجره ... مالم يعتقه في حانوت خمّار

بدرت اشتار شهداً من مراشفه ... ولم أكن قبل ذا يوماً بمشتار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015